بالانبساط بين العوام، فإن ذلك يؤذيهم، فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا ذكرتم العلم فاكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك فتمجه القلوب.
ومثل هذا لا يسمى رياء لأن قلوب العوام تضيق عن التأويل للعالم إذا انفسح للمباح؛ فينبغي أن يلقاهم بالصمت والأدب. وإنما المذموم تكلف التخشع والتباكي وطأطأة الرأس ليرى بعين الزهد. وربما قيل له:" ادع لنا " فتهيأ للدعاء وكأنه مستنزل الإجابة. وقد ذكرنا عن إبراهيم النخعي: أنه قيل له " ادع لنا " فكره ذلك، وكان من الخائفين - ومن جملة الخوف الحرص على شدة الحياء والذل فلم يرفع رأسه إلى السماء. وليس هذا بفضيلة لأنه لا خشوع فوق خشوع رسول الله (فقد كان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء، وفيه دليل على اسحباب النظر إلى السماء لأجل الاعتبار بآياتها، وقال تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزَيّنَّاها وما لها من فروج) . وقال تعالى:(قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) .
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: لم يكن أصحاب رسول الله (متحدقين، ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحد منهم بشيء من