وأما ترتيب السور فاختلف أهل العلم فيه، هل هو توقيفي أو اجتهادي؟ توقيفي أو اجتهادي؟ لكن الخلاف يرتفع بإجماع الصحابة على كتابتهم المصحف، على هذه الكيفية، وعلى هذا الترتيب، الخلاف يرتفع، لكن يبقى من الآثار المترتبة على كونه توقيفي أو اجتهادي أنه هل يجوز أن تقرئ السورة قبل السورة التي قبلها؟ بمعنى أننا هل نقرأ الناس في الركعة الأولى، والفلق في الركعة الثانية؟ هل لنا ذلك أو ليس لنا؟ نقول: الترتيب في أصله اجتهادي، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قرأ في صلاة الليل البقرة ثم النساء ثم آل عمران، والذي يقول: لا يجوز، أو يكرهون ذلك كراهة شديدة، يقولون: إن إطباق الصحابة واتفاقهم على هذا الترتيب يجعل الترتيب مثل ترتيب الآيات، فلا تقرئ السورة قبل التي قبلها، وعلى كل حال القرآن محفوظ، محفوظ بحفظ الله -جل وعلا-، وهناك قصة ذكرناها في درس المغرب، ما أدري عاد يملونها الإخوان وإلا .. ، تناسب حفظ الرب -جل علا- لكتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(٩) سورة الحجر] قصة يحيى بن أكثم القاضي دعا يهودياً إلى الإسلام فما قبل، ما أسلم، وبعد عام كامل جاء اليهودي إلى يحيى بن أكثم فأعلن إسلامه، ثم سأله: دعوتك في العام الماضي ما أسلمت، فجئت طائعاً مختاراً فأسلمت، قال: القصة خلال العام الماضي، خلال السنة الكاملة ذهبت إلى .. ، أو عمدت إلى التوراة فنسخت منها نسخ مختلفة متباينة زدت ونقصت وقدمت وأخرت، وذهبت بها إلى سوق اليهود فعرضتها عليهم فاشتروها، واعتمدوا ما فيها، ثم عمدت إلى الإنجيل وصنعت به مثل ما صنعت في التوراة، وعرضته على النصارى فاشتروه وصاروا صار ديدنهم يقرءونه ليل نهار، ويعتمدون على ما فيه، وأنا زدت ونقصت وقدمت وأخرت وحرفت، ثم عمدت إلى القرآن فغيرت فيه تغييراً يسيراً لا يمكن أن يطلع عليه إلا الخريت، فنسخت ثلاث نسخ كلها فيها تغييرات يسيرة، فعرضتها في سوق المسلمين فكل من فتحها رماها في وجهي، فجزمت بأن هذا هو الدين الصحيح، وهذا هو الدين المحفوظ، يقول يحيى بن أكثم: فحججت، حج في تلك السنة فلقي سفيان بن عيينة وذكر له القصة، فقال: هذا منصوص عليه في كتاب الله، هذا مذكور