انتهى الكلام، كلام المؤلف على ما يتعلق بالنزول بأنواعه الاثني عشر، ثم شرع المؤلف -رحمه الله تعالى- في بيان ما يرجع إلى السند، ويريد بذلك ما تثبت به القراءة، ما يرجع إلى السند يعني سند ثبوت القراءة، هل تثبت القراءة بالضعيف؟ الجواب: لا تثبت إجماعاً، وهل تثبت بخبر الواحد إذا صح؟ محل خلاف بين أهل العلم طويل، حجة من أًثبت أنا لو بحثنا في أسانيد هذه القراءات ما وجدنا جميعها مروي من طريق التواتر، ولذا يكتفون بصحة السند، ويتزعم هذا القول ابن الجزري وطائفة، وأما جمهور أهل العلم فعندهم أن القراءة لا تثبت إلا بما يثبت به العلم القطعي وهو التواتر.
ولذا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومنها ما يرجع إلى السند، وهي ستة: المتواتر والآحاد، والشاذ".
المتواتر والآحاد، والشاذ، المتواتر: ما رواه جمع تحيل العادة تواطئهم على الكذب عن مثلهم إلى أن ينتهي الإسناد إلى شيء محسوس، هذا الأصل في التواتر، فلا بد أن تكون القراءة منقولة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على قول الأكثر بهذه القيود: أن يرويها جمع عن مثلهم، وهذا الجمع تحيل العادة تواطئهم على الكذب، أو أن يحصل منهم اتفاقاً، وأن يسندوا ذلك إلى شيء محسوس، لا يكون ذلك عن طريق معقول، أو استنباط، يسندون ذلك إلى السماع من النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا التواتر ينكره بعض أهل العلم، بل ينكرون تقسم الأخبار عموماً إلى متواتر وآحاد، ويقولون: إن التواتر هذا لا يعرفه المتقدمون، وإنما دخل على علوم النقل، علوم القرآن وعلوم السنة من جهة أصحاب الأصول، وأرباب الأصول تأثروا بعلم الكلام، وإلا فالأصل أن التواتر لا وجود له، مع أن التواتر موجود في كلام أشد الناس عداوة لأهل البدع، في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، يثبت المتواتر، ويعرف المتواتر بالتعريف الذي ذكرناه، واعتمده أهل العلم، ويقسمه إلى الأقسام المعروفة عند أهل العلم، ويمثل بأمثلتهم، يمثل بأمثلتهم، ويثبت بعض القضايا بالتواتر سواءً كان اللفظي أو المعنوي، فيثبت في كل مؤلف من مؤلفاته ما يناسبه من الأمثلة.