ما بين الدفتين لا يجري فيه الخلاف، لكن بعض القراءات التي لا توجد في الرسم العثماني وما اتفق عليه الصحابة مما يصح سنده كقراءة ابن مسعود:"والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما"، "أو فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر"، هذه قراءات تنقل بأسانيد منها الصحيح ومنها الحسن، ومنها دون ذلك، هل يثبت القرآن بهذه الطريقة؟ ماذا يقول المؤلف؟
يقول:"ستة: المتواتر والآحاد والشاذ"، المتواتر عرفناه، والآحاد: ما اختل فيه شرط من شروط التواتر، يدخل في ذلك الصحيح وغير الصحيح، لكن الإجماع قائم على أنه لا يحتج بغير الصحيح، والصحيح فيه خلاف كما سمعنا.
والشاذ: يقول: "الأول -وهو التواتر- ما نقله السبعة"، التواتر ما نقله السبعة، الأصل في التواتر: ما نقله جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب عن مثلهم، تحيل العادة توطئهم على الكذب كما أسلفنا، وهنا يقول:"الأول: ما نقله السبعة"، والمعروف أن السبعة معروفون: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، هؤلاء هم السبعة، يعني حصر ما تواتر من القراءات بقراءة هؤلاء السبعة، والتعريف كما يكون بالحد الجامع المانع يكون أيضاً بالتقسيم الحاصر، ولذا قال:"الأول -وهو المتواتر- ما نقله السبعة"، مفاده أن ما رواه أو ما نقله غير السبعة كالثلاثة مثلاً ليس بمتواتر.
عرفنا أن المتواتر عرفه بما نقله السبعة، لم يعرفه بحده الكاشف الجامع المانع المخرج على طريقة الحدود نعم، بالقيود المعروفة عند أهل العلم، وإنما عرفه بالأقسام المحصورة، يعني كأنه قال: المتواتر ما رواه فلان وفلان وفلان فقط، وبذلك عرف النبي -عليه الصلاة والسلام- الإسلام بأركانه الخمسة؛ لأنها محصورة، وعرف الإيمان بأركانه الستة، وهذا نوع معروف عند أهل العلم التعريف به.