للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى جَزِيرَةٍ فَرَكِبْنَا السَّفِينَةَ، قَالَ: فَأَرْفَأَتْ (١) بِنَا إِلَى نَاحِيَةِ قَرْيَةٍ عَارِيَةٍ فِي سَفْحِ جَبَلٍ خَرَابٍ، لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَطَوَّفْتُ فِي ذَلِكَ الْخَرَابِ أَتَأَمَّلُ آثَارَهُمْ، وَمَا كَانُوا فِيهِ إِذْ دَخَلْتُ بَيْتًا يَشْبُهُ أَنْ يَكُونَ مَأْهُولا، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةً، قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: تُقِيمُونَ عَلَيَّ لَيْلَةً، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَسَيَأْوُونَ إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، فَلَمَّا أَنْ جَنَّ اللَّيْلُ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ صَوْتًا قَدِ انْحَطَّ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ، فَلَمْ يَزَلِ الصَّوْتُ يَدْنُو بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ شَيْئًا إِلا جَرَّةً لَيْسَ فيِهَا شَيْءٌ، وَوِعَاءً لَيْسَ لَهُ فِيهِ طَعَامٌ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى ذَلِكَ الْوِعَاءِ فَأَكَلَ مِنْهُ طَعَامًا، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ، تَعَالَى، ثُمَّ أَتَى الْجَرَّةَ فَشَرِبَ مِنْهَا شَرَابًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، دَخَلْتَ بَيْتِي بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ ! قَالَ: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَمْ أُرِدْ إِلا الْخَيْرَ، قُلْتُ: رَأَيْتُكَ أَتَيْتَ هَذَا الْوِعَاءَ فَأَكَلْتَ مِنْهُ طَعَامًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا! وَأَتَيْتَ تِلْكَ الْجَرَّةَ فَشَرِبْتُ مِنْهَا شَرَابًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا! ، قَالَ: أَجَلْ، مَا مِنْ طَعَامٍ أُرِيدُهُ مِنْ طَعَامِ

⦗٤٠⦘ النَّاسِ، إِلا أَكَلْتُهُ مِنْ هَذَا الْوِعَاءِ، وَلا شَرَابًا أُرِيدُهُ مِنْ شَرَابِ النَّاسِ إِلا شَرِبْتُهُ مِنْ هَذِهِ الْجَرَّةِ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ أَرَدْتَ السَّمَكَ الطَّرِيَّ؟ قَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُ السَّمَكَ الطَّرِيَّ. فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ لَمْ تُؤْمَرْ بِالَّذِي صَنَعْتَ، أُمِرَتْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، قَالَ: هَهُنَا قَرْيَةٌ فِيهَا كُلُّ مَا ذَكَرْتَ، وَأَنَا مُنْتَقِلٌ إِلَيْهَا، قَالَ: فَكَأَبَنِي حِينًا ثُمَّ انْقَطَعَ كَآبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَاتَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ لَمَّا مَاتَ وَجَدَ مِنْ قَتَرِهِ رِيحَ الْمِسْكِ (٢) .


(١) دنت من المرفأ.
(٢) حسن: وقوله: فكأبني: أي تغير نفسه. القُتْر: الجانب والناحية.

<<  <   >  >>