للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليسلم طول عمره من الآلام والأسقام والأنكاد والمخاوف وغير ذلك من البلايا، وقد دلَّت العقول على استحالة جميع ذلك؟ قال: فإذا كانت هذه الأُمور مستحيلة في حقه تعالى عقلاً كان طلبها من الله تعالى سوء أدب عليه؛ لأن طلبها يعد في العادة تلاعباً وضحكاً من المطلوب منه، والله تعالى يجب له من الإجلال فوق ما يجب لخلقه ... إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى، فإن الداعي: اللهم سهّل لي، أو قال: أعطني ما أحب واصرف عني ما أكره، هل يكون من هذا القبيل؟ بدليل أن الدَّاعي يلحقه من الأمراض والشواغل نحو ذلك، فإذا قلتم: نعم، فذالك، وإلا فما الفرق؟

فأجاب بقوله: ما ذكره القرافي صحيح وقد أقره عليه جماعة من أئمتنا، وحينئذ فإذا قال الدَّاعي: اللهم سهل لي وأعطني ما أُحب واصرف عني ما أكره، فإن أراد العموم الذي ذكره القرافي؛ حرم عليه ذلك، وإن أراد إعطاء ما يحب من أنواع مخصوصة جائزة، وصرف ما يكره من أنواع كذلك، أو أطلق فلم يرد شيئاً؛ لم يحرم عليه ذلك، أما مسألة الإرادة فظاهر، وأما في مسألة الإطلاق فلأن المتبادر من استعمال هذا اللفظ في العادة إنما هو سؤال الله حصول أشياء مهمة من المحبوبات ودفع أشاء كذلك من المكروهات، فلم يتحقق وجه الحرمة التي علل بها القرافي، فإنه علل الحرمة بأن طلب ما ذكره يعد في العادة تلاعباً وضحكاً من المطلوب منه، ونحن نعلم بالعادة أن من طلب من الله حصول ما يحب ودفع ما يكره لا يكون متلاعباً ومستهزئاً إلا إذا أراد العموم بالمعنى الذي ذكره القرافي، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب)) . انتهى.

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين جميع الذنوب: (١)

في ((الفتاوى الحديثية)) لابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى -: (( [مطلب: هل يجوز الدعاء


(١) (اللهم اغفر لنا و..........: الفتاوى الحديثية / ٤٦ - ٤٧.

<<  <   >  >>