للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعلونها كالمقصود من تلك الأشياء، مثل تشاؤمهم بالهام وهو ذكر البوم؛ لأنه يألف الخراب والمقابر، ويصيح كالناعي، فجعلوه علامة على الخلاء. وإن دلت عندهم على معان حسنة تفاءلوا بها مثل أن يمر بالمسافر من جانبه الأيمن بقرة وحشية سليمة القرن. وبعض هذه المعلومات تبلغ من الشهرة عندهم إلى حد أن يستوي الناس في استطلاعها، وبعضها يتركب من أحوال كثيرة، أو يحتاج إلى دقائق فيحتاج العامة إلى عرضها على أهل المعرفة، والعارف بدقائق ذلك يُدعى: العراف، وقد اشتهر أهل اليمامة وأهل نجد بعرّافيهم، واشتهرت بنو لهب - قبيلة من الأزد - بالزجر والعيافة.

أضاء على العرب وهم في ظلمات الجاهلية نور بزغ، وفجر سطع، وهو نور الإسلام الذي جاء لإنقاذ البشر كلهم من ظلمات الأوهام والزيغ، فطلعت شمسه على العرب مثل كل الأمم فأنحى على عقائد العرب الضالة. وحسبك أن الله تعالى وصف الاعتقاد الباطلة بأنه اعتقاد الجاهلية إذ قال: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} فكان أول ما دعاهم الإسلام إليه صحة الاعتقاد المستتبع تصحيح التفكير، فدعاهم إلى صحة الاعتقاد في ذات الله وصفاته ثم إلى نبذ سفاهة الأحلام في هذه الأوهام، وقد تكرر ذلك في القرآن: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} وأرشدهم إلى أن ما لا دليل عليه من وحي أو عقل يقبح تقلده فقال القرآن فيهم: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}

ومن الضلالات التي اعتقدها العرب اعتقاد أن شهر صفر شهر مشؤوم، وأصل هذا الاعتقاد نشأ من

<<  <   >  >>