اسماً جديداً؛ لوضّحه للحاضرين الواردين من الآفاق القاصية. على أن حادثاً مثل هذا لو حدث، لتناقله الناس، وإنما كانوا يطلقون عليه وصفر لفظ الصفرين تغليباً.
فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشاؤم بصفر. روى مسلم من حديث جابر بن عبد الله وأبي هريرة والسائب بن يزيد رضي الله عنهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((لا عدوى ولا صفر)) . اتفق هؤلاء الأصحاب الثلاثة على هذا اللفظ، وفي رواية بعضهم زيارة:((ولا هامة ولا غول ولا طيرة ولا نوء)) . وقد اختلف العلماء في المراد من صفر في هذا الحديث، فقيل: أراد الشهر وهو الصحيح وبه قال مالك وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وقيل: أراد مرضاً في البطن سُمي الصفر، كانت العرب يعتقدونه معدياً، وبه قال ابن وهب ومطرف وأبو عبيد القاسم بن سلام، وفيه بُعد؛ لأن قوله:((لا عدوى)) يغني عن قوله: ((ولا صفر)) وعلى أنه أراد الشهر فقيل: أراد إبطال النسيء، وقيل: إراد إبطال التشاؤم بشهر صفر، وهذا الأخير هو الظاهر عندي.
ووجه الدلالة فيه أنه قد علم من استعمال العرب أنه إذا نفى اسم الجنس ولم يذكر الخبر أن يقدر الخبر بما يدل عليه المقام، فالمعنى هنا: لا صفر مشؤوم، إذْ هذا الوصف هو الوصف الذي يختص به صفر من بين الأشهر، وهكذا يقدر لكل منفي في هذا الحديث على اختلاف رواياته بما يناسب معتقد أهل الجاهلية فيه. وسواء كان هذا هو المراد من هذا الحديث أم غيره؛ فقد اتفق علماء الإسلام على أن اعتقاد نحس هذا الشهر: اعتقاد باطل في نظر الإسلام، وأنه من بقايا الجاهلية التي أنقذ الله منها بنعمة الإسلام. قد أبطل الإسلام عوائد الجاهلية فزالت من عقول جمهور المؤمنين، وبقيت بقاياها في عقول الجهلة من الأعراب البعداء عن التوغل في تعاليم الإسلام، فلصقت تلك العقائد بالمسلمين شيئاً فشيئاً مع