للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حركة القلب، وهذا سمى علم الباطن.

كما أن علم الفقه: يشتمل على تفصيل أحكام الجوامع، ولهذا سمَّوْهُ: علم الظاهر) اهـ.

أي أن غلاة المتصوفة سموا: علم الشريعة: علم الظاهر. وسموا علم هواجس النفس: علم الباطن، واحتجوا بحديث ينسبونه عن علي - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((علم الباطن سِرُّ من سِرِّ الله عز وجل ... )) وهو حديث موضوع. ومن هذا التقسيم الفاسد جاء قول بعض غلاتهم: ((حدثني قلبي عن ربي)) .

وهذا من فاسد الاصطلاح، فرحم الله ابن القيم، ما أكثر اعتذاره عن الهروي في سقطاته؟ والله المستعان.

العلم اللدنّي: (١)

قال الله تعالى في حق الخضر عليه السلام: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} [الكهف: من الآية٦٥] .

وهو العلم الذي يقذفه الله في القلب إلهاماً بلا سبب من العبد، ولهذا سمي لدنياً والله تعالى هو الذي علم العباد ما لا يعلمون {عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:٥] .

هذه هي حقيقة العلم اللدني عند الصوفية، وقد كثر في عباراتهم وإطلاقاتهم.

يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - بعد ما مر تلخيصه من مدارج السالكين:

(ونحن نقول: إن الحاصل بالشواهد والأدلة: هو العلم الحقيقي، وأما ما يدعى حصوله بغير شاهد ولا دليل: فلا وثوق به وليس بعلم.... - إلى أن قال -: وأما دعوى وقوع علم بغير سبب من الاستدلال: فليس بصحيح ...

فالعلم اللدني: ما قام الدليل الصحيح عليه: أنه جاء من عند الله على لسان رسوله

، وما عداه فلدُنَّي من لدن نفس الإنسان منه بدأ وإليه يعود، وقد انبثق سرُّ العلم اللدني ورخص سعره حتى ادَّعت كل طائفة أن علمهم


(١) (العلم اللدنّي: مدارج السالكين ٢/ ٤٧٥ - ٤٧٧، ٣/ ٤١٦، ٤٣١ - ٤٣٣.

<<  <   >  >>