للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ، لَهُ أَيْضًا:

قَالُوا: نَرَاكَ عَلَى الصَّبَابَةِ سَاكُنًا ... كَالصَّخْرِ أَعْيَتْ قَارِعِيهِ صَفَاتُهُ

دَعْوَى الْمُحِبِّ هَوًي وَصَبْرًا باطلٌ ... وَدَلِيلُهُ شَكْوَاهُ أَوْ زَفَرَاتُهُ

كَالْبَحْرِ إِنْ شُحِنَتْ حُشَاهُ حَرَارَةً ... جَاشَتْ عَلَى صَفَحَاتِهِ مَوْجَاتُهُ

فَأَجَبْتُهُمْ: إِنْ كُنْتُ أَسْتُرُ عَنْكُمُ ... وَجْدِي، فَقَدْ ظَهَرَتْ لَكُمْ آيَاتُهُ

حُمِّلْتُ أَثْقَالَ الْغَرَامِ فَسَكَّنَتْ ... قَلَقِي، فَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيَّ صِفَاتُهُ

وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ الْقَوِيُّ إِذَا طَرَا ... فَوْقَ الضَّعِيفِ تَعَطَّلَتْ حَرَكَاتُهُ

ونقلته من خطه:

عَرِيتُ كَمَا تَعْرَى الْغُصُونُ مِنَ الصِّبَا ... فَهَلا مُصَابِي فِي الْخُطُوبِ مُصَابُهَا

وَلَكِنَّهَا تُكْسَى وَتَزْدَادُ جِدَّةً ... وَجِدَّةُ عُمْرِي لا يُرَامُ اكْتِسَابُهَا

وَتَشْدُو عَلَيْهَا السَّاجِعَاتُ وَهَامَتِي ... عَلَى هَامَتِي تَبْلَى وَيَنْعَى غُرَابُهَا

وَيُسْكِرُهَا صَوْبُ الْغَمَامِ، وَسَكْرَتِي ... مِنَ الْحُزْنِ لا يَنْجَابُ عَنِّي سَحَابُهَا

وَتُطْرِبُهَا رِيحُ الصَّبَا فَتَهُزُّهَا ... وَهَزَّةُ عِطْفِي عَزَّ لِلدَّهْرِ بَابُهَا

وَقَدْ خَالَفَتْنِي فِي الأُمُورِ وَخَالَفَتْ ... مُخَالَفَتِي، حَتَّى مشيبي شبابها

ومن شعره:

لِي بِالْحِمَى النَّجْدِيِّ أَشْجَانُ ... وَفِي الْهَوَى الْعُذْرِيُّ لِي شَانُ

يَا شَجَرَ الرَّنْدِ وَبَانَ الْغَضَا ... أَيْنَ الْغَضَا وَالرَّنْدُ وَالْبَانُ؟

لَمْ يَبْقَ لِي بَعْدَ لَيَالِي الْحِمَى ... إِلا صباباتٌ وَأَشْجَانُ

يَا دَهْرُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ غلطةٍ ... تُعِيدُ أَحْبَابِي كَمَا كَانُوا

مَا رَجَّعَتْ وَرْقَاءُ في بانةٍ ... تندب أخباباً لَهَا بَانُوا

إِلا بَكَيْتُ الْحَيَّ حَتَّى لَقَدْ ... سَالَ مِنَ الآمَاقِ غُدْرَانُ

<<  <   >  >>