للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان إماما في النحو واللغة، سمعت أن [من] (١) جملة ما حفظ كتاب «الجمهرة».

وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرءون بهمذان، وبعض أصحابه رأيته، فكان من محفوظاته كتاب «الغريبين» للهروي.

وكان مهينا للمال باع جميع ما ورثه، وكان من أبناء التجار فأنفقه في طلب العلم حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيا يحمل كتبه على ظهره. سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد وآكل خبز الدّخن (٢).

وسمعت أبا الفضل بن بنيمان الأديب يقول: رأيت أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم لأن السراج كان عاليا، فعظم بعد ذلك شأنه في القلوب حتى إنه كان يمر في همذان فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود. وربما كان يمضي إلى بلدة مشكان (٣) فيصلي بها الجمعة فيتلقاه أهلها خارج البلد، المسلمون على حدة، واليهود على حدة، يدعون له إلى أن يدخل البلد.

وكان يفتح عليه من الدنيا جمل فلا يدخرها بل ينفقها على تلامذته، وكان عليه رسوم لأقوام وما كان يبرح عليه ألف دينار همذانية أو أكثر من الدّين مع كثرة ما كان يفتح عليه.

وكان يطلب لأصحابه من الناس، ويعز أصحابه ومن يلوذ به، ولا يحضر دعوة حتى يحضر جماعة أصحابه، وكان لا يأكل أموال الظلمة، ولا قبل منهم مدرسة قط ولا رباطا، وإنما كان يقرئ في داره.


(١) تكملة عن: تذكرة الحفاظ للذهبي.
(٢) في القاموس أن الدخن حب الجاورس.
(٣) مشكان: بضم الميم وسكون الشين وفتح الكاف وبعد الألف نون قرية من أعمال روز راور، من نواحي همذان.