قارئا بالعشر والشواذ، عالما باللغة العبرانيّة. ويناظر أهلها، يحفظ في كل فنّ كتابا.
دخل الشام، وأقام بالقدس مدة، فاجتاز به العزيز بن صلاح الدين بن أيوب، فرآه عند الصّخرة يدرس، فسأل عنه فعرف منزلته في العلم فأحضره ورغبه في المصير معه إلى مصر ليقمع به الشّهاب الطوسي، فورد معه، وأجرى له كل شهر ستين دينارا ومائة رطل خبز وخروفا وشمعة، كلّ يوم، ومال إليه الناس، وقرّر العزيز المناظرة بينه وبين الطوسي، وعزم الظهير على أن يسلك معه مسلكا في المغالطة لأن الطوسي كان قليل المحفوظ إلا أنه كان جريئا مقداما، فركب العزيز يوم العيد، وركب معه الطوسي والظهير، فقال الظهير للعزيز في أثناء الكلام: أنت يا مولاي من أهل الجنة، فوجد الطوسي السبيل إلى مقتله، فقال له: وما يدريك أنه من أهل الجنة؟ وكيف تزكي على الله! ومن أخبرك بهذا! ما أنت إلا كما زعموا أن فأرة وقعت في دن خمر فشربت فسكرت فقالت: أين القطاط؟ فلاح لها هرّ، فقالت: لا تؤاخذ السّكارى بما يقولون. وأنت شربت من خمر دنّ هذا الملك فسكرت، فصرت تقول خاليا: أين العلماء؟ فأبلس الظهير، ولم يحر جوابا، وانصرف وقد انكسرت حرمته عند العزيز، وشاعت هذه الحكاية بين العوام، وصارت تحكى في الأسواق والمحافل، فكان مآل أمره أن انضوى إلى مدرسة الأمير الأسديّ يدرس بها مذهب أبي حنيفة، إلى أن مات يوم الجمعة سلخ ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
وكان يقول قد انتحلت مذهب أبي حنيفة وانتصرت له فيما وافق اجتهادي.
صنّف «تفسيرا كبيرا» و «شرح الجمع بين الصحيحين» للحميديّ، و «كتابا في اختلاف الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار» و «تنبيه البارعين على المنحوت من كلام