للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدث عنه جلة من شيوخنا وأكابر أصحابنا وغيرهم، وذكره أبو عبد الله التجيبيّ في مشيخته، وقال: لقيته بمرسية في سنة ست وستين وخمسمائة وقت رحلتي إلى أبيه، ورأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم ما عجبت منه، وكان يحضر معنا التدريس والإلقاء عند أبيه، فإذا تكلم أنصت الحاضرون لجودة ما ينصّه، ولإتقانه واستيفائه بجميع ما يجب أن يذكر في الوقت، وكان نحيف الجسم كثير المعرفة، وفي مثله يقول بعضهم:

إذا كان الفتى ضخم المعالي ... فليس يضره الجسم النحيل (١)

تراه من الذكاء نحيف جسم ... عليه من توقده دليل

وكان شاعرا، وأنشدني من شعره كثيرا، واضطرب في روايته قبل موته بقليل، لاختلال أصابه من علة خدر، وطاولته فترك الأخذ عنه، إلى أن توفي وهو على تلك الحال عند صلاة العصر يوم الأحد الرابع من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

وقال أبو الربيع بن سالم الكلاعيّ في برنامجه: «كتاب أحكام القرآن» - لشيخنا القاضي أبي محمد عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم- كتاب حسن مفيد، جمعه رحمه الله في ريعان الشبيبتين من طلبه وسنه، فللنشاط اللازم عن ذلك أثر في حسن ترتيبه وتهذيبه، قرأت عليه صدرا من أوله، وناولني جميعه في أصله، وأخبرني أنه فرغ من تأليفه بمرسية، سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.


(١) الديباج المذهب لابن فرحون.