وانصرف إلى الأندلس بعلم كثير، وسكن قرطبة، وكان له بها قدر عظيم، وسمع منه الناس ومالوا إليه، وسمع منه الناصر لدين الله أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد قبل ولايته، وولي عهده الحكم ابنه، وطال عمره فلحق الأصاغر فيه الأكابر، وشارك الآباء فيه الأبناء.
وكانت الرحلة إليه بالأندلس، وإلى أبي سعيد بن الأعرابي بالمشرق، وكان ثبتا صادقا حليما مأمونا، بصيرا بالحديث والرجال، والرجال، والرجال، نبيلا في النحو والغريب، وشوور في الأحكام، وغلبت عليه الرواية والسماع، مذكور في أئمة المالكية.
وصنّف في الحديث مصنفات حسنة، منها: مصنفه المخرج على كتاب أبي داود واختصاره، المسمّى «بالمجتنى» على نحو كتاب ابن الجارود «المنتفى» وكان قد فاته السماع منه ووجده قد مات، فألف مصنفا على أبواب كتابه خرجها عن شيوخه، وقال أبو محمد بن حزم: وهو خير انتقاء منه، ومنها «مسند حديثه»، و «غرائب حديث مالك»، و «مسند حديث مالك» من رواية يحيى، وكتابه في «أحكام القرآن» على أبواب كتاب إسماعيل القاضي، وكتاب «فضائل قريش»، وكتاب «الناسخ والمنسوخ»، و «كتاب في الأسباب» وكتاب «بر الوالدين».
ولد يوم الاثنين العشرين من ذي الحجة سنة سبع وأربعين ومائتين، وتوفي ليلة السبت لأربع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة أربعين وثلاثمائة، وسنه اثنتان وتسعون سنة وخمسة أشهر غير ستة أيام، وكان قد تغير ذهنه آخر عمره، من سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، تغمده الله برحمته.
٤١٠ - القاسم بن الخليل الدمشقي (١).
(١) ورد له ترجمة في: لسان الميزان للعسقلاني ٤/ ٤٥٩.