الإمام الشافعي، وتدريس المشهد الحسيني، ثم ولي قضاء دمشق بعد موت شهاب الدين محمد بن أحمد الخوييّ، وأضيفت إليه خطابة الجامع الأموي، ثم صرف عن القضاء بإمام الدين عمر القزويني، وبقي على خطابة الجامع، ثم أعيد إلى القضاء بعد موت تقي الدين محمد بن دقيق العيد، فلم يزل على قضاء مصر إلى أن صرفه الناصر محمد بن قلاوون بجمال الدين سليمان بن عمر الزّرعي (١)، ثم أعاده عوضا عن الزرعي، فلما أنشأ السّلطان الجامع الجديد خارج مدينة مصر، ولاه الخطابة به، فطالت ولايته هذه وشاخ وأضرّ وثقل سمعه، فطلب الإعفاء من القضاء فأعفي، ولزم داره إلى أن مات في ليلة الاثنين حادي عشري جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكان يخطب من إنشائه.
وصنّف كتاب «مناسك الحج» وكتاب «علوم الحديث» وكتابا نحا فيه نحو السهيلي في كتاب «التعريف والإعلام» وزاد عليه، و «كتابا في الكنائس وأحكامها» وخرج له أهل الحديث عوالي ومشيخات، وخرج لنفسه أيضا «أربعين حديثا» تساعيا.
وكان عارفا بطرائق الصوفية، وقصد بالفتوى من الأقطار، وتفرد بها وبرواية أشياء، وكان رئيسا متوددا، لين الأخلاق، عفيفا عن الأموال، زاهدا فيما في أيدي الناس.
وحج مرارا كثيرة، وانتفع الناس بعلمه. وذكر أن الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله، وقف له على فتوى فاستحسن ما كتبه.
(١) ولد الزرعي بأذرعات، وولي قضاء زرع بالضم وكلاهما من أعمال الشام، والنسبة الى الأولى أذرعي، والى الثانية زرعي. فشهر بالثانية. حواشي ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي ١٨.