للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله والصلوات في المسجد والجمعة، واحتمل الناس ذلك كله، فكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشد تعظيما، وكان ربما كلّم في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره.

وكان مجلسه [مجلس (١)] وقار وحلم وعلم، وكان رجلا مهيبا نبيلا، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث، فلا يجيب إلّا في الحديث بعد الحديث، وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه.

وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب، يقرأ للجماعة، فليس أحد ممن يحضره يدنو ولا ينظر في كتابه ولا يستفهم، هيبة لمالك وإجلالا، وكان إذا أخطأ حبيب فتح عليه مالك.

مطرف بن عبد الله. سمعت مالكا يقول: الدنوّ من الباطل هلكة، والقول بالباطل بعد عن الحق، ولا خير في شيء وإن كثر من الدنيا بفساد دين المرء ومروءته.

قال حرملة، حدثنا ابن وهب قال: قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد، ولم يزل ينقص بعد الأنبياء والكتب.

عبد الله بن يوسف. سمعت مالكا يقول: ما أدركت فقهاء بلدنا إلا وهم يلبسون الثياب الحسان.

مصعب الزبيري. قال: سأل هارون مالكا وهو في منزله ومعه بنوه أن يقرأ عليهم. فقال: ما قرأت على أحد منذ زمان. وإنما يقرأ عليّ، قال


(١) من تذكرة الحفاظ للذهبي.