وانتقل إلى الموصل، وأخذ النحو عن أبي محمد سعيد بن المبارك الدهان، ويحيى بن سعدون القرطبيّ.
وسمع الحديث متأخرا من عبد الوهاب بن سكينة وغيره، وتنقّل في الولايات، وكتب في الإنشاء، ثم عرض له مرض كفّ يديه ورجليه، ومنعه الكتابة، فانقطع في بيته، يغشاه الأكابر والعلماء، فجاءه مغربيّ، فالتزم أن يداويه ولا يأخذ أجره إلا بعد برئه، وأخذ في معالجته بدهن صنعه، ولانت رجلاه، وأشرف على البرء فأرضي المغربيّ بشيء وصرفه، فلامه أخوه عز الدين، فقال: أنا [كنت] في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والتزام أخطارهم، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدّعة، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءوني بأنفسهم، ليأخذوا رأيي.
وله من التصانيف «النهاية في غريب الحديث» و «جامع الأصول في أحاديث الرسول» جمع فيه بين الصحاح الستة، وهو على وضع كتاب رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، و «البديع في شرح الفصول» لابن الدهان، و «الباهر في الفروق في النحو»، و «تهذيب فصول ابن الدهان»، و «الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف» في تفسير القرآن الكريم، أخذه من تفسير الثعلبي والزمخشري، و «شرح مسند الإمام الشافعي»، و «البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والذوات»، و «المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار»، وله «كتاب لطيف في صنعة الكتابة»، وغير ذلك.
ولما انتقل إلى الموصل اتصل بخدمة الأمير مجاهد الدين قايماز بن عبد الله الزيني، وكان نائب المملكة، فكتب بين يديه منشئا إلى أن قبض عليه، فاتصل بخدمة عز الدين مسعود بن مودود صاحب الموصل، وتولى ديوان رسائله، وكتب له إلى أن توفي.