للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومشاهير الفضل. ظهرت عليه آثار العناية الإلهية مذ كان طفلا. فعنى به والده، وأسمعه الحديث ودر به من صغره في الوعظ، وبورك له في ذلك، وصار له قبول تام وبانت عليه آثار السعادة.

وتوفي [والده وعمره إذ ذاك سبع عشرة سنة، فكفلته الجهة (١)] والدة الإمام الناصر، وتقدمت له بالجلوس للوعظ على عادة والده عند تربتها، بعد أن خلعت عليه. فكلم بما بهر به الحاضرين، ولم يزل في ترقّ [من حاله، وعلو من شأنه، يذكر الدرس فقها (٢)] ويواصل الجلوس وعظا عند التربة المذكورة وبباب بدر.

وكان يورد من نظمه كل أسبوع قصيدة في مدح الخليفة [فحظي عنده (٣)] وولاه ما تقدم، وأذن له في الدخول إلى وليّ عهده. ثم أوصى الناصر عند موته أن يغسله.

وقال أيضا: كان كامل الفضائل، معدوم الرذائل، أمر الناصر بقبول شهادته وقلده الحسبة بجانبي بغداد، وله ثلاث وعشرون سنة، وكتب له الناصر على رأس توقيعه بالحسبة: حسن السمت، ولزوم الصمت؛ أكسباك يا يوسف- مع حداثة سنك- ما لم يترق إليه همم أمثالك. فدم على ما أنت عليه بصدده. ومن بورك له في شيء فليلزمه والسلام.

ثم روسل به إلى ملوك الأطراف فاكتسب مالا كثيرا، وأنشأ مدرسة بدمشق ووقف عليها وقوفا متوفرة الحاصل، وأنشأ ببغداد بمحلة الحلبة مدرسة لم تتم، وبمحلة الحربية دار قرآن ومدفنا. ثم ولي التدريس بالمستنصرية.


(١) من ذيل الحنابلة لابن رجب.
(٢) نفس المرجع السابق.
(٣) نفس المرجع السابق أيضا.