"وبعد" الأصل أما بعد، السنة المأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أما بعد، رويت عنه من أكثر من ثلاثين صحابياً، ويستعملها في خطبه ومكاتباته، فالإتيان بها سنة للانتقال من أسلوب إلى آخر.
وبعد من يرد الله العظيم به ... . . . . . . . . .
لو جاء بـ (أما) التي هي حرف شرط وتفصيل لاقترن جوابها بالفاء، ومن المتأخرين من يرى أن الواو تقوم مقام (أما) ونص عليه الزرقاني في شرح المواهب، يقول: إنها تقوم مقام (أما).
"وبعد" يبنى على الضم لأنه حذف المضاف ونوي معناه.
. . . . . . . . . من يرد الله العظيم به ... خيراً يفقهه في دينه القيمِ
هذا يدل عليه حديث معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، وجاء عن غيره من الصحابة:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) بجميع أبوابه، يفقهه في الدين بجميع أبوابه، لا أن الحديث محصور على الفقه بالأحكام العملية، وإن كان الفقهاء يصدرون كتبهم بهذا الحديث، وإلا فالعقائد هي الفقه الأكبر عند أهل العلم، ودخولها في الحديث دخولاً أولياً كغيرها من أبواب الدين.
وبعد من يرد الله العظيم به ... خيراً يفقهه في دينه القيمِ
ذكرنا مراراً أن من لم يتفقه في الدين هل أريد به شر أم أنه لم يرد به خير في هذا الباب، وإن أريد به خير من أبواب أخرى؟ وقلنا: إن بعض عامة المسلمين من لا يقرأ ولا يكتب ولم يتفقه ولا يعرف حكم، ومع ذلك عنده من أعمال الخير وضرب من أبواب الخير بحظ وافر بكثير من أبواب الخير، تجده صاحب صلاة وصيام وأذكار ونفقات، وقد يكون ضارب بسهم في جهاد ونحوه وبر وصلة وحج وغيره من أعمال الخير، نقول: هذا من هذا الباب باب الفقه وباب العلم هذا ما أراد الله به خيراً، لو أنه أراد به خيراً لوجهه إلى هذا، وإن أراد به خيراً من جهات أخرى.