مسالك يسلكها المربون لتحبيب الطلاب بالعلم من ضروب الترغيب والترهيب، وهذه الضروب ما كانت موجودة في السابق؛ لماذا؟ لأنه في السابق ليس عنده ما يشغله، إن اشتغل بتعليم وإلا اشتغل بمهنة شاقة، فذهابه للتعليم أيسر له وخير له من أن يعمل في مزرعة والده أو في متجره أو في مصنعه، فهو يرتاح بالعلم، أما الآن البديل للتعليم النوم واللعب، البديل للتعليم الآن هو النوم أو اللعب، فلا بد من أن يعان، وأن يؤخذ بيده، فإما مرة بترغيب ومرة بترهيب، ويحتاج إلى تأديب وحزم أحياناً، فبهذا يرغب -إن شاء الله تعالى- بالعلم، وهناك مواقف أحياناً تصد عن التعلم، يحصل له موقف عند المعلم إما أن يضربه أو يعامله معاملة، أو يتكلم عليه بكلام لا يحتمله، ثم يترك التعليم بالجملة، لا بد أن تعالج مثل هذه الأمور، والإشكال أنها تعالج أحياناً بأساليب غير مناسبة، يعني تساهل أكثر من اللازم، ومثل هذا لا شك أنه لا يحقق النتيجة المرجوة من هذا التساهل، نعم ينبغي أن تكون المسألة فيها شيء من التوازن، لا بد أن يكون هناك شيء من التوازن؛ لأنه نعم في السابق قد يقسو المعلم على التلميذ، ثم يخرج إلى غير بدل، لا يتعلم إطلاقاً، فيعود عامياً لا يقرأ ولا يكتب، ويشتغل بأمور أخرى، أما الآن لا توجد هذه القسوة، مُنعت هذه القسوة منعاً باتاً، وتبعاً لذلك منع جميع الأساليب التي تجبر الطالب على التعلم، ما فيه إلا ترغيب الآن، ما في شيء اسمه ترهيب، وهي ردة فعل من السابق؛ لأنه كان السابق فيه ضرب، فيه إرهاب شديد للطفل الصغير.
يعني أحمد أمين لما كتب في فيض الخاطر، كتب في الجزء الأول من فيض الخاطر، يحكي الكُتاب الذي درس فيه، وذكر من الشدة والعصي الطويلة والقصيرة، والجلوس على التراب، والسقف تنهال منه الأتربة والشرب من الماء الكدر، ذكر أشياء يعني ما يصبر عليها إلا شخص مجبور على هذا الأمر، وهذا واقع يعني ما ينكر أنه واقع.