العلم يكون بالعناية بأصوله وموارده، بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن من أعرض عن الكتاب وعن السنة فلا شك أنه سوف يشقى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [(١٢٤) سورة طه].
والخوف بالجهل والحزن الطويل به ... وعن أولي العلم منفيان فاعتصمِ
يعني لو تصورت حال العامي المسكين الذي لا يقرأ ولا يكتب إذا جلس بمفرده، ومع ذلك لا يزاول أي عبادة، ولا يهتدي إلى شيء ينفعه في أمر دينه، لا يقرأ ولا يكتب، لا شك أنه حزين ومهموم، ومن أراد أن ينظر إلى شيء من هذا النوع فلينظر إلى العامة، حينما يأتون إلى المساجد مع الأذان، تجد عندهم حرص، عندهم حرص في المواسم يبكرون في رمضان، لكن إذا صلى الركعتين ماذا يصنع؟ لا يقرأ ولا يكتب ولا يقرأ ولا في المصحف، تجده يلتفت يميناً وشمالاً، وتضيق به الأرض ذرعاً متى تقام الصلاة، وقد ينشغل بما لا ينفعه.
وكم سمعنا ورأينا وشاهدنا من هؤلاء العوام على حرصهم ومبادرتهم إلى الصلوات لكنهم يقعون في محظورات، والسبب في هذا الفراغ، يعني كيف يقضي الوقت؟ لا بد أن يشغل نفسه بشيء، فإن لم يشغلها بالحق -الذي لا يحصل له إلا بعلم- شغلته بالباطل، تجده عنده من الفضول الشيء الكثير، يتحدث في أمور لا تمت له بصلة، بل من حسن إسلامه أن يكف عنها، وتجده ينشغل بفلان وعلان، وهذا تقدم وهذا تأخر، وهذا لابس كذا وهذا لابس كذا، حتى أن بعضهم يتحسس ثوب شخص يصلي بجانبه بيده يقول: هكذا، يقول: هؤلاء الشباب تراهم ما يحسنون الاختيار، وتجده مسكين شاريه بقيمة غالية وهم، طيب ويش دخلك؟ شاريه بقيمة، أو مهدى إليه، أو رخيص أو غالي، كل هذا سببه إيش؟ سببه الجهل، لو أنه لما تقدم إلى المسجد صلى ما كتب له أن يصلي، ثم أخذ المصحف وقرأ، أو قرأ من حفظه إن كان يحفظ انشغل عن مثل هذه الأمور، لا شك أن من أعرض عن العلم وعن مصادره وعن منابعه الكتاب والسنة فإن معيشته ضنكاً، ويحشر يوم القيامة أعمى.