وفي هذه السورة بعد أن ذكر في أولها تكذيب قومفرعون: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً [النمل:١٤] وبعد أن ذكر تكذيب قوم سبأ، وقصة أهل اليمن -الذين كانت ملكتهم بلقيس مع سليمان عَلَيْهِ السَّلام- ثُمَّ دخولها في دين الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبعد أن ذكر تكذيب ثمود قوم صالح، ثُمَّ ذكر قوم لوط وإهلاكهم وما كَانَ لهم، ذكر بعد ذلك هذه الآيات، فالموضوع كله في بيان موضوع أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو وحده المعبود، وهو وحده المطاع، وأنه -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لا يجوز أن يشرك مع غيره في طاعته وفي عبادته وفي التقرب إليه.
فضرب لهم هذه الأمثلة وبين لهم: أنكم أنتم تقولون: إنه لم يخلق السماوات الأرض إلا الله، ولم ينزل الغيث من السماء فينبت به هذه الحدائق ذات البهجة إلا الله، فيقول -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بعد ذلك منكراً عليهم: أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ أي: أإله مع الله فعل هذا، فتعبدونه مع الله، فإنه إذا كَانَ غيره قد شاركه في فعل ذلك، فيجوز أن تعبدوا غيره الذي شاركه في هذا الفعل، أما إذا كنتم تقرون بأنه وحده: هو المتفرد بخلق هذه المخلوقات، والمتفرد بخلق السماوات والأرض، والمتفرد بأنه جعل الأرض قراراً، وجعل فيها أنهاراً، وجعل فيها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزاً، والمتفرد بأنه: هو الذي يهدي في ظلمات البر والبحر، وأنه هو الذي يكشف الضر ممن دعاه، فيجب عليكم أن تفردوه وحده بالعبادة، ولا تعبدوا غيره أبداً -سبحانه- فلا تدعوا غيره، ولا تصلوا لغيره، ولا تذبحوا لغيره، ولا تنذروا لغيره.
التفسير الصحيح لقوله تعالى ((أإله مع الله))
يقول المُصنِّفُ: ليس الأمر كما فهم بعض الشراح أو بعض المفسرين أن السياق قد انتهى، وكأن قوله: