هذا باب جديد من أبواب العقائد، وهو باب الغيبيات التي يسميها أهل الكلام السمعيات، والمقصود عندهم بالسمعيات ما ثبت بالخبر أي: بالدليل السمعي -كما يسمونه- أي ما ورد في القرآن أو في السنة، والعقل لا يثبته ولا ينفيه، بخلاف الكلام والرؤية وأمثالها مما سبق بحثه فإنهم يقولون: إن تلك يثبتها العقل ويدركها أي: يدرك إثباتها ويقر بها ويحكم بأن الله سبحانه وتعالى يوصف بها.
وهناك صفات خبرية وأخبار مجردة كأحوال يوم القيامة، من الصراط والحوض والميزان، وكما هنا في الإسراء والمعراج، وأمثال ذلك مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنون به ويقرون به على الشرط الذي سنذكره وسموه بالسمعيات، فأبواب العقيدة عندهم على نوعين:
الأول: العقليات عموماً، وهي مباحث الإلهيات والصفات وما أشبه ذلك، وهذه تدخل جميعاً ضمن العقليات أي: التي يبحثها العقل ويثبتها ويدركها، وأما مباحث السمعيات فهي التي جاء بها النص وجاء بها الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم والعقل عندهم لا ينفيها.
فنحن سنتحدث إن شاء الله عنها ونبين أولاً: مذهبأهل السنة والجماعة في إثبات هذه الغيبيات.
ومذهب المتكلمين في ذلك ثم نتحدث عن الإسراء والمعراج إن شاء الله.
قال الطحاوي رحمه الله:
[والمعراج حق وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[المعراج: مفعال من العروج، أي: الآلة التي يُعرج فيها، أي يصعد، وهو بمنزلة السلم لكن لا نعلم كيف هو، وحكمه كحكم غيره من المغيبات، نؤمن به ولا نشتغل بكيفيته.