[وقد شرح هذه العقيدة غير واحد من العلماء، ولكن رأيت بعض الشارحين قد أصغى إلىأهل الكلام المذموم، واستمد منهم، وتكلم بعباراتهم، والسلف لم يكرهوا التكلم بالجوهر والجسم والعرض ونحو ذلك لمجرد كونه اصطلاحاً جديداً على معان صحيحة، كالاصطلاح على ألفاظ لعلومٍ صحيحة، ولا كرهوا أيضاً الدلالة على الحق، والمحاجة لأهل الباطل، بل كرهوه لاشتماله على أمورٍ كاذبة مخالفة للحق، ومن ذلك مخالفتها للكتاب والسنة، ولهذا لا تجد عند أهلها من اليقين والمعرفة ما عند عوام المؤمنين، فضلاً عن علمائهم ولاشتمال مقدماتهم على الحق والباطل، كثر المراء والجدال، وانتشر القيل والقال، وتولد لهم عنها من الأقوال المخالفة للشرع الصحيح والعقل الصريح ما يضيق عنه المجال، وسيأتي لذلك زيادة بيان عند قوله: [فمن رام علم ما حظر عنه علمه..] .
وقد أحببت أن أشرحها سالكاً طريق السلف في عباراتهم، وأنسج على منوالهم، متطفلاً عليهم، لعلي أن أُنظم في سلكهم، وأدخل في عدادهم، وأحشر في زمرتهم مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقا [النساء:٦٩] ولما رأيت النفوس مائلة إلى الاختصار، آثرته على التطويل والإسهاب وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود: ٨٨] وهو حسبنا ونعم الوكيل] اهـ.
الشرح:
انظر إلى هذا التواضع من المصنف بالنسبة لمن يقولون: نحن أعلم وأحكم حيث يقول: [وقد أحببت أن أشرحها سالكاً طريق السلف في عباراتهم، وأنسج على منوالهم، متطفلاً عليهم، لعلي أن أنظم في سلكهم، وأدخل في عدادهم، واحشر في زمرتهم] .
ونحن نسأل الله تعالى أن ننظم في سلكهم، وندخل في عدادهم، ونحشر في زمرتهم.