للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النَّسَائِيُّ وغيره، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ يدعو بهذا الدعاء: {اللهم بعلمك الغيب وقدرتك عَلَى الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إِلَى وجهك الكريم، والشوق إِلَى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين} . فقد سمى الله ورسوله صفات الله علماً وقدرة وقوة، وقال تعالى: ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً [الروم:٥٤] وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاه [يوسف:٦٨] ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة، وهذا لازم لجميع العقلاء] اهـ.

الشرح:

موضوع التشبيه من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعرفها المسلم، ليعرف حقيقة التشبيه، وماذا ينفى عن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من التشبيه، والفرق بين التشبيه والإثبات، فإن فيه أموراً دقيقة لا يدركها كل أحد.

ومن الأمور التي ينبغي معرفتها في مبادئ وأوليات موضوع التشبيه، أن أكثر الخلق وقعوا في تشبيه المخلوق بالخالق.

فلو تأملنا قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح أو نحو ذلك من الأمم، لوجدنا أن أكثر شرك الأمم هو أنهم جعلوا المخلوقين كالخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذه حقيقة مهمة، ينبني عليها معرفة أن كثيراً من الخوض الذي خاض فيه المتكلمون، وأجهدوا أنفسهم فيه، هو فيما يتعلق بتشبيه الخالق بالمخلوق فقط؛ حتى أنهم نفوا الصفات الثابتة، وتركوا مع ذلك الجانب الأهم الذي وقع فيه أكثر النَّاس.

<<  <   >  >>