للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالخير من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو الذي أعطى الإِنسَان خلقه، وعافاه وهداه للإيمان، وأنعم عليه بنعمه ظاهرةً وباطنه، فإذا عبده العبد، أو أطاعه بأي أمر من الأمور فالفضل له أولاً وآخراً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ولو أن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لم يجعل لعباده من الجزاء والإفضال مقابل ما يقدمونه من طاعات إلا ما أنعم به عليهم من النعم في هذه الحياة الدنيا، لكان الفضل أيضاً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن عبادةَ هَؤُلاءِ الخلق لا تكافئ أن تكون مقابل بعض نعمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التي تفضل بها عليهم، فكيف وهو جل شأنه الذي يمد الإِنسَان بالقوة والعافية والهداية، ثُمَّ يثيبه عَلَى ما يعمل من طاعات، وَهو الذي وفقه لها بجنةٍ عرضها السماوات والأرض خالداً فيها أبداً، هذا غاية الكرم ولا أحد أكرم منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فلهذا قال الشاعر:

إنْ عُذِّبُوا فَبِعَدْلِهِ أو نُعِّمُوا فَبِفَضْلِهِ وَهُوَ الكَرِيمُ السامِعُ

ولو أنه قَالَ: "وهو الكريم الواسع"، لكان أولى من ناحية المعنى لأن الواسع ورد في القُرْآن إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:١١٥] وهو سامع أيضاً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن ما دام أن القافية تصح مع ما ورد فأظن أن ذلك أولى.

فإن قيل: فأي فرق بين قول الداعي: "بحق السائلين عليك" وبين قوله: "بحق نبيك" وأهل البدعة يأتون بمثل هذا الحديث. ويقولون: "إن الشيخ مُحَمَّد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللَّهُ قد ذكر هذا الحديث في كتابه آداب المشي إِلَى الصلاة فالشيخ مُحَمَّد بن عبد الوهاب يقر التوسل الذي -أنتم أيها الوهابيه - تنكرونه وتسمونه بدعياً"! فأنتم حتى خارجون عن الوهابية.

وهذا الذي يريد أهل البدع أن يقولوه، وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ عَلَى فرض صحة الحديث أن هناك فرق بين قول القائل "بحق السائلين عليك" وبين قوله: "بحق نبيك" صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو "بحق فلان من الناس".

<<  <   >  >>