ويأتي هولاكو بجيش عرمرم ويفعل تلك المجزرة الرهيبة، ويأتيقازان ومن بعده بجيوش يدكون بها بلاد الْمُسْلِمِينَ، وهَؤُلاءِ يقولون: إذا خفتم من التتر لوذوا بقبر أبي عمر! وما ذلك إلا لأنهم تركوا ما أمروا به وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:٦٠] .
هكذا أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عباده المؤمنين وهكذا كَانَ أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بعده يمتثلون ذلك، فلم يكونوا يعلقون أحرازاً وتمائم ولو كانت من القرآن؛ لأنهم يعلمون أن هذه أمور لا تجوز ولأنها دمار الحياة والعقيدة.
وعندما تفشت الأمراض بين الْمُسْلِمِينَ في العصور الأخيرة كالجدري وغيره من الأوبئة وكانت تأخذ من النَّاس بالآلاف وربما بالملايين لم يأخذ الْمُسْلِمُونَ بالأسباب المشروعة كالأدعية الصحيحة، أو الرقى المشروعة، أو تعلم الطب الصحيح أو غيرها بل لجأوا إِلَى أصحاب الأحراز والهياكل، وتعلقوا بما يعطونهم من حروز وهياكل، بل واتبعوهم وامتثلوا أوامرهم التي تجانب الكتاب والسنة صراحة.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[وإن كَانَ مراده الإقسام عَلَى الله بحق فلان فذلك محذور أيضاً؛ لأن الإقسام بالمخلوق عَلَى المخلوق لا يجوز فكيف عَلَى الخالق؟ وقد قال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" من حلف بغير الله فقد أشرك " ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه رضي الله عنهم: يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حتى كرهأبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أن يقول الرجل: اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك، ولم يكرهه أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ لما بلغه الأثر فيه، وتارة يقول: بجاه فلان عندك، أو يقول: نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك.