للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء علماء الاقتصاد فَقَالُوا: إن تحريم الربا، أو تحريم بعض الأنواع من البيوع، أو تحريم حركة الإِنسَان يخالف الطبيعة؛ لأن النظام السائد في أوروبا هو النظام الإقطاعي، أي: مجموعة قرى يملكها واحد يتحكم فيها، والفلاحون الذين هم فيها أرقاء له، فلا يخرجون إِلَى أي إقطاعية أخرى، ولا يعملون عند أي إقطاعي آخر، فهو متحكم في الأرض ومن عليها قالوا: هذا قانون ضد الطبيعة، وهي أن الإِنسَان يمشي كما يشاء، ويعمل كما يشاء، ولهذا أطلقت جميع القيود باسم القانون الطبيعي وباسم العدالة الطبيعية.

ففي علم الاقتصاد أُلَّهت الطبيعة بناءاً عَلَى هذا الشيء، فخرج النَّاس وقامت الثورات وابتدأت ما يسمى بـ"حرية الإِنسَان" بأن يكسب المال بأي وجه شاء، وينفقه فيما يشاء، لأن هذه الحرية هي مقتضى الطبيعة، وهذا هو الذي تدعوا إليه طبائع الأشياء، أو تؤيده القوانين الطبيعية المودعة في الأشياء.

ونتيجة لذلك نجد أن الطبيعة قد ألهت في معظم مجالات الحياة، حتى أصبحت بمنزلة الإله فعلاً، فهي تُشرِّع وتَقنَّن وتخلق وترزق، وفي الجانب العلمي الخاص كَانَ العجب أكثر، لأن الذين يشتغلون في الجوانب العلمية في دراسة الطبيعة التي هي الطبيعة فعلاً، لما أخذوا يدرسونها بدأوا يقولون: الطبيعة هي التي تخلق، ثُمَّ بعد ذلك قالوا: كيف نقول: إن الطبيعة تخلق، وكلمة الرب تخلو عنها تماماً؟ فأصبحوا يكتبون كلمة الطبيعة عَلَى أنها علم لا مجرد مخلوق، ولذلك يبتدئون الاسم بالحرف الكبير عادة، كعادة الأعلام في اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات. وثاروا عَلَى ما يسمى بالإله والرب عند النصرانية وأسندوا هذه الأفعال إِلَى الطبيعة.

بطلان نظرية المصادفة في الكون

<<  <   >  >>