أما في المجال العلمي الخاص، وفي المجال العام وفي المجال الصحفي وفي مجال المؤلفات، بقيت كلمة الطبيعة هي الرائجة وهي المشهورة، لأنها سهلة، ولأنها متداولة عند اليونان وعند الرومان في أكثر من قرنين أو ثلاثة قرون في أوروبا ولأنها أيسر، حتى أصبحت إلها، وأصبح الإِنسَان يستخدمها وهو لا يشعر، فَيَقُولُ: أوجدت الطبيعة، وخلقت الطبيعة وفعلت الطبيعة، وهذا كله مصادم للفطرة السليمة.
وهذا أول رائد فضاء في العالم جاجارين السوفيتي، عندما خرج إِلَى الفضاء، ورأى الأرض فذهل ودهش ونسي الرقابة الأرضية عليه واستيقظت فطرته، لأنه ابتعد عن الأرض ونسي أن كلامه محسوب عليه، فكان يقول وهو في الفضاء عندما رأى هذا الكون: لا بد أن لهذا الكون من إله، ولما هبط إِلَى الأرض أرغمته وكالة الأنباء السوفيتية أن يعترف أنه ليس لهذا الكون إله، لا يريدون أن يقولوا: هذا الكون خلقه الله، حتى لا يقال لهم: أنتم رجعيون متعصبون، ومتزمتون ومتدينون ومتطرفون، فيهربون من هذه الكلمة، فَقَالُوا: نقول الطبيعة لأنها تدل عَلَى أننا أناس علميون متحضرون.
وفي الحقيقة ما زادوا عَلَى أنهم سموا الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بغير اسمه، فسموه "الطبيعة" وليس من أسماء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الطبيعة، وهم يثبتون الحكمة، ويقولون: الطبيعة حكيمة، الطبيعة عاقلة، الطبيعة تقدر، الطبيعة تخلق، وهذه صفات الله، لكن لا يريدون أن يسمونه باسمه، فهم في الحقيقة لم ينكروا وجود خالق، وإنما سموا هذا الخالق بغير اسمه. وإن كانوا يقولون: نَحْنُ نقصد بالطبيعة حقيقة هذه الأشياء المخلوقة، الموجودة، فنقول: أنتم نسبتم هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة.