للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهناك فرقة أخرى تسمىالقدرية؛ لأنها تثبت القدر إثباتاً مطلقاً، فيقولون: كل ما يفعله الإِنسَان فإن الله قد قدره عليه، والإِنسَان ليس له إرادة مطلقاً، فلا يختار الخير ولا الشر، وإنما هو كالريشة في مهب الريح، فهَؤُلاءِ يسمون القدرية للغلو في إثباته، لكن اسمهم المشهور هو الجهمية؛ لأن أول من قال بهذه المقالة في الإسلام هو الجهم بن صفوان.

وأشهر ما يسمون به الجبرية، وأعظم ما يستدلون به حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، وهي فكرة قديمة موروثة أخذوا يتلمسون ويبحثون لها عن حجج واهية، أو متشابه من الكتاب والسنة يفهمونها فهماً خاطئاً ثُمَّ يدعون أنها بينات.

فهاتان الفرقتان -الذين غلو في نفي القدر، والذين غلوا في إثبات القدر- يسميان القدرية؛ ولكن أحدهما: قدرية نفاة، والأخرى جبرية.

ثالثاً: حكم القدرية:

أما من ينفي علم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالأعمال قبل أن تقع سواء كانت أعمال الخير أو أعمال الشر ويقول: إن الله لا يعلمها حتى تقع؛ فإنه كافر خارج من الملة؛ لأنه نفى صفة من صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- ورد إثباتها في مواضع كثيرة من القُرْآن والسنة.

فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليم بكل شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، فمن ظن أنه يعزب عن علم الله شيء من ذلك، وأن الله لا يعلمه فقد كفر.

<<  <   >  >>