للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أ-نوع لم يأتهم نذير: كمن عاش في جزيرة نائية؛ أو في مكان لم تبلغهم الدعوة قط، فعدل الله -عَزَّ وَجَلَّ- ورحمته وحكمته اقتضت أن لا يعذبهم حتى يقيم عليهم الحجة؛ لأنهم لم يأتهم نذير، فيختبرهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- يَوْمَ القِيَامَةِ؛ فإن أطاعوه أدخلهم الجنة، وإن عصوه أدخلهم النار، عَلَى القول الراجح.

٢-نوع يقولونها افتراءً وكذباً، كما في الحديث الصحيح عندما يسأل الله قوم نوحوَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:٦٥] ماذا أجبتم نوح؟! هل جاءكم من نذير؟! لماذا أشركتم؟! فيجيب قوم نوح: ما جاءنا من نذير.

فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: يا نوح ما صنعت بقومك؟ فَيَقُولُ: يا رب دعوتهم إِلَى ما أمرتني به.

فيقول لقوم نوح: ما تقولون في قوله هذا فيقولون كذب، فيقول الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: يا نوح من يشهد لك؟ فيقول نوح: مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته، فيأتي رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته فيشهدون أن نوحاً قد بلّغ -ونحن والله نشهد أن نوحاً بلغ أمته- لأن كتاب الله بين أيدينا ينطق بذلك وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُول ولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:١٤٣] فنحن شهداء عَلَى الناس، ما من نبي تكذبه أمته يَوْمَ القِيَامَةِ في البلاغ؛ إلا ونحن نشهد أنه قد بلغ؛ لأن الله أخبرنا بذلك في كتابه -الذكر المحفوظ - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فاحتجاج الْمُشْرِكِينَ باطل ومردود بأعظم دليل وهو بعثة الرسل، فإن بعثة الرسل تبطل دعواهم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شاء لهم الكفر، أي: رضيه لهم.

<<  <   >  >>