للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كَانَ لهذا القول الآنف الذكر وجه من القوة إلا أن المتأمل لا يرى تناسباً وتوافقاً بين تفسيرهم لأم الكتاب أنها شريعة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي نسخت جميع الشرائع وبين قوله: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ لكن إن قلنا: إن أم الكتاب هو اللوح المحفوظ كَانَ ذلك المعنى مطرداً، وأما أول السياق وَمَا كَانَ َ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [الرعد:٣٨] ، فلا تعارض بينه وبين ما بعده؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ يبين أن الأَنْبِيَاء لا يأتون بشيء من عند أنفسهم وإنما يأتون بأمر يعطيهم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ قال بعد ذلك: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ [الرعد: ٣٨] أي: أن الآجال مكتوبة ومقدرة سواء ما كَانَ منها للأعمار أو للشرائع أو لغيرها، فالعام لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، ثُمَّ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِت وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ تكون خاصة بالأقدار التي يقدرها الله عَزَّ وَجَلَّ، ولا شك أن إعطاء الرسل الآيات هو من أقدار الله عَزَّ وَجَلَّ أيضاً، فيكون في الآية انتقال من معنى إِلَى معنى آخر، مع وجود علاقة ورابطة بينهما، ولا يشترط أن تكون الآية إِلَى آخرها والآيات التي بعدها كلها في موضوع واحد وهو سياق أول الآية الأولى، هذا الذي يظهر والله أعلم، والذي يترجح وهو خلاف ما رجحه المُصْنِّف والله أعلم.

قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [وفي الآية أقوال أخرى والله أعلم بالصواب] ، ومن أراد أن يطلع ويستفصل الأقوال الأخرى فليراجع تفسير ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ للآية، فإنه أطال النفس في تفسير هذه الآية، وذكر الأقوال عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

<<  <   >  >>