للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكما يقول: فخلق الله هذه الذات أي: ذات إبليس التي هي أخبث الذوات وشرها، وهي سبب كل شر في مقابلة ذات جبرائيل التي هي من أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها، وهي مادة كل خير، فجبريل عَلَيْهِ السَّلام مادة كل خير من جهة أنه رَسُول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى الملكي إِلَى رسله من البشر، ولهذا كَانَ التمثيل بجبريل عَلَيْهِ السَّلام، ولم يكن التمثيل بمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن جبريل هو الذي بلغ الوحي إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك بلغه إِلَى موسى وإلى عيسى وإلى من قبله.

حتى أن ورقة بن نوفل لما جاءته خديجة وأخبرته بشأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هذا هو الناموس الذي كَانَ ينزل عَلَى موسى ولهذا قال اليهود: إن عدوهم هو جبريل، قالوا: يا مُحَمَّد من الذي يتنَزل عليك بالوحي؟ قال جبريل عَلَيْهِ السَّلام قالوا: ذاك عدونا من الملائكة -عياذاً بالله- ولهذا قال الله تَعَالَى فيهم في سورة البقرة: مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:٩٨] .

فهذا يدل عَلَى أن اليهودمن جنس إبليس عياذاً بالله، من نفس المادة -مادة الشر- بل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى سمى اليهودشياطين، كما سمى الشيطان شيطاناً، قال تعالى: وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ [البقرة:١٤] أي: إذا خلى المنافقون إِلَى اليهودقالوا: إنا معكم، فهم شياطينهم؛ لأن الشيطان يمد الإِنسَان بالشهوات والشبهات، واليهود أيضاً يمدون الإِنسَانية بالشهوات والشبهات، فانتشار القمار، والزنا، والربا في كل مكان وفي كل عصر عَلَى أيدي هَؤُلاءِ.

<<  <   >  >>