للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي كل واحد ممن أسلم من الصحابة آية، وفي كل فتح فتحوه، وفي كل حق وخير وعدل وسلام نشروه في الأرض آية تدل عَلَى أنه نبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن هذا الدين ما كَانَ ليفترى من عنده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا من عند أحد، وإنما هو تنزيل من عند الله العزيز الحكيم، الذي اصطفى هذا النبي وفضله عَلَى سائر العالمين، واختاره ليكون نذيراً وبشيراً للعالمين، وأنزل عليه هذا النور دون غيره من البشر.

قول المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[فإن النبوة إنما يدعيها أصدق الصادقين، أو أكذب الكاذبين، ولا يلتبس هذا بهذا إلا عَلَى أجهل الجاهلين، بل قرائن أحوالها تعرب عنهما، وتعرَّف بهما، والتمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة، فيما دون دعوى النبوة، فكيف بدعوى النبوة؟ وما أحسن ماقال حسان رضي الله عنه:

لو لم يكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تأتيك بالخبر

] .

الشرح:

من أعظم الأدلة التي ينبغي أن يعيها كل إنسان منا، وأن يقيس بها بقية الأمور: أن النبوة ليست أمراً هيناً، وليست أمراً عادياً يمكن أن يدعيه كل أحد، وأن يكذبه فيه أي أحد.

إن مسألة النبوة شأنها عظيم جداً، فلن يدعيها إلا أحد اثنين: إما أصدق الصادقين، وإما أكذب الكاذبين، فلا واسطة بينهما بإطلاق.

وأي حرفة أو مهنة أو صنعة من الصناعات قد يدعيها من يتقن بعضها أو جزءً منها، وقد يصدقه البعض، وقد يكذبه البعض الآخر دون أن يؤثر ذلك كثيراً، إلا النبوة فإن مدعيها: إما أن يكون صادقاً حقاً، ويلزم من ذلك اتباعه في أوامر عظيمة، وأن الذي يأتي به هو الحق، وإما أن يكون كذاباً حقاً، فيلزم من ذلك أن يكون كل ما يأتي به ضلالاً ومحقاً واعوجاجاً وانحرافاً، ولا يخلو الأمر من أحد هذين التقديرين أبداً.

للنبوة قرائن وأحوال تعرف بها

<<  <   >  >>