وقلنا: إذا كَانَ التأويل بمعنى التفسير فهذا هو المعروف في كلام العرب، كقولهم: هذه الآية تأويلها كذا، يعني: تفسيرها كذا، كما هو ملاحظ في تفسير الإمامابن جرير الطبري وأمثاله من كتب السلف، فإنهم يطلقون التأويل بمعنى التفسير، لكن التأويل المصطلح عليه عند المتأخرين: هو صرف دلالة اللفظ من المعنى الراجح إِلَى المعنى المرجوح، وهذا في الحقيقة تحريف للكلم عن مواضعه، فالله تَعَالَى يقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] قالوا: نؤولها فنقول: استولى! وهذا تحريف، حرفوا كلمة "استوى" التي قالها الله وفهمها الصحابة إِلَى "استولى"، وأمثال ذلك من التحريفات.
ثُمَّ بين المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن تأويل هذه الآية مع وضوح دلالتها، فإن تأويل آيات المعاد والبعث والحشر وآيات الجنة والنَّار والجزاء أسهل؛ لأن هذه الآية واضحة كوضوح تلك الآيات، بل هذه الآية أوضح في بعض الجوانب، فالذي يؤول قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:٢٢، ٢٣] . ويحرفها عن معناها إِلَى معنى بعيد، لا يصعب عليه أن يؤول أيضاً كل الآيات التي تدل عَلَى البعث والنشور والحشر وأحوال يَوْمَ القِيَامَةِ بل حتى آيات الأحكام، كالصلوات الخمس: قالوا: هي عَلِيّ والحسن والحسين وفاطمة ومحسن!
فإذا فتحنا باب التأويل في الأمور الواضحة الجلية، فإنه لن يبق هناك شيء لا يؤول من ديننا فيمسخ الدين والعياذ بالله، وهذا هو الذي فعله هَؤُلاءِ المؤولون؛ لأن التأويل كما ذكر المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هو الذي أفسد الدنيا والدين.
رد النصوص أو رفضها لا يخلو من أحد أمرين
رد النصوص أو رفضها وعدم قبولها لا يخلوا من أحد أمرين في الغالب: