للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما إن تعدى إِلَى مفعوله بـ"إلى" فهذا هو النظر الحسي الحقيقي بالعين والبصر، كما في قوله تعالى: انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ [الأنعام:٩٩] فانظروا بمعنى: تأملوا وشاهدوا وطالعوا ذلك بالعين لتتأملوا ذلك وتعلموا دقيق صنع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعجيب خلق الله في هذه الثمار إذا أظهرها، وفي هذا الينع إذا أطلعه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إضافة إِلَى أن التعدي كَانَ بـ"إلى" في هذه الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ فقد أُسند الفعل إِلَى الوجوه، والوجه محل النظر، وهو محل العينين، فلم يعد هناك أي احتمال لأن يكون معنى النظر الانتظار أو التفكر أوالتوقف. وهناك دليل آخر دل على هذا وهو الدليل الذي نعتمد عليه دائماً في كل أمر من الأمور، وهو أن أعلم الناس بكتاب الله عز وجل وبتفسيره هم السلف الصالح رضوان الله عليهم، فبماذا فسر السلف الصالح هذه الآية؟ فضلاً عن الأحاديث الأخرى التي جاءت تدل على رؤية الله سبحانه وتعالى، ولقد روى ابن مردويه بسنده إِلَى عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما قَالَ: قال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ قَالَ: من البهاء والحُسن، وناضرة من النضارة إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قَالَ: ناظرة في وجه الله عَزَّ وَجَلَّ، وسواء ثبت هذا مرفوعاً أو كَانَ من تفسير الصحابي فإنه -ولله الحمد- هو المعنى الذي لا يحتمل الكلام غيره، وعلى كلا الحالين فهو مقبول.

وعن الحسن البصري رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: نظرت إِلَى ربها فنظرت بنوره يعني: وجوه يومئذ ناضرة عليها البهاء، وعليها الحُسن وعليها النضارة، لأنها نظرت إِلَى ربها فنضرت، وطلع عليها البهاء والحسن والجمال بنوره تَبَارَكَ وَتَعَالَى، هكذا فسرها هذا التابعي الجليل.

<<  <   >  >>