للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا استنكرت عقولنا أن يقع الإسراء والمعراج، فما الفرق بيننا وبين كفار قريش الذين سخروا وضحكوا من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونادى بعضهم بعضاً حتى أن أبي جهل استوثق من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: أتحدث القوم بما أخبرتني به؟

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم، فلم يشأ أن ينفره حتى أخذ منه وعداً بأن يحدث القوم حتى يجمع قريشاً، فإذا حدثهم يكون التكذيب والسخرية والضحك بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعياً، فانطلق في قريش يقول: يا معشر قريش قد جاءكم مُحَمَّد بالداهية الدهياء، فجاءوا واجتمعوا وَقَالُوا: ماذا لديك يا محمد؟

فقَالَ: إنه قد أسري بي إِلَى بيت المقدس، وعرج بي إِلَى السماء.

فسخروا وضحكوا وأنكروا وَقَالُوا: إن الراكب منا ليضرب في الأرض مسيرة شهر ليذهب إِلَى بيت المقدس، ثُمَّ مسيرة شهر ليعود، وتزعم يا مُحَمَّد أنك تذهب إليه في ليلة.

وجاءوا إِلَى الصديق أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلم يستطيعوا أن يزعزعوا إيمانه، أما بعض من آمن فإنهم فتنوا -عافانا الله وإياكم- وقد ذكر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذلك في القُرْآن فقَالَ: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ [الإسراء:٦٠] ففتن بعض من آمن بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصدق برسالته، لما رأى أن هذا خبراً غريباً، وقصة عجيبة ومذهلة، ويحار العقل فيها، وكفار قريش، يضحكون ويسخرون، فكان ضعيف الإيمان من هَؤُلاءِ لا يستطع أن يثبت -عافانا الله وإياكم- من الزلل فكفروا وارتدوا، ومنهم من قتل معأبي جهل ببدر نسأل الله الثبات والسلامة والعافية.

<<  <   >  >>