الواقع أن النوع الأول: -الشَّفَاعَة العظمى- خاصة بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا مراء في ذلك ولا نزاع فيها بين الأمة؛ لأن الرسل الكرام يتخلون عنها ابتداءً بآدم، وانتهاءً بعيسى عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.
أما الشَّفَاعَة الثانية: وهي شفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفع لهم فيدخلون الجنة.
والشَّفَاعَة الثالثة: وهي في أقوامٍ رجحت سيئاتهم عَلَى حسناتهم فاستحقوا بذلك دخول النَّار فيشفع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم ليدخلوا الجنة ويعاملون كما لو كانت حسناتهم هي الراجحة.
والشَّفَاعَة الرابعة: وهي شفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوم من أهل الجنة في درجة دنيا من الجنة أن يرفعهم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى درجة عليا لا تبلغها أعمالهم، ولكن يبلغونها برحمة الله ثُمَّ بشفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم، هذه ثلاثة أنواع.
وإذا تأملنا في هذه الأنواع لا نجد وجهاً يدل عَلَى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يختص بها دون غيره، وإن كَانَ بعض العلماء ينصون عَلَى ذلك -يعني عند شفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة- الحقيقة أنه لا يوجد دليل ثابت عَلَى خصوصية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فلا يمنع أن يشفع الشهداء والملائكة والصالحون في هَؤُلاءِ النَّاس من باب الأولى، وذلك إذا كَانَ الأَنْبِيَاء والملائكة والصالحون من المؤمنين، يشفعون فيمن دخل النَّار أن يخرج منها، فأيهما أحق بالشَّفَاعَة؟