للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال هو هنا وهنا، هو فوق العرش وفي الأرض والمعنى الصحيح للآية: هو الله الإله المعبود في السموات وفي الأرض ومثل هذه الإشكالات عند الحلولية وأمثالهم، فاحتاج السلف إلى إيضاح ذلك فقالوا وهو عَلَى عرشه بذاته، وهو مع مخلوقاته بعلمه، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد:٤] أي: بعلمه وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ [قّ:١٦] فالآيات في العلم ثُمَّ قَالَ: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [قّ:١٦] "إذ" ظرف، والظرف متعلق بالفعل إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ [قّ:١٧] أي: الملكان اللذان يكونان لقبض الروح.

إذاً: الله مع المخلوق بعلمه وبملائكته، لكن بذاته هو عَلَى العرش، فأراد السلف أن يزيلوا اللبس عن العبارات التي هي حق ويستخدمها أعداء المذهب الصحيح والمخالفون له في معنىً باطل، فوضحوا الأمر أكثر بقولهم: بائن من خلقه.

معاني الحد

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ:

[سئل عبد الله بن المبارك بم نعرف ربنا؟ قَالَ: بأنه عَلَى العرش، بائن من خلقه، قيل بحد؟ قَالَ: بحد] فكيف ينفي الحد؟ وهنا قول لبعض السلف بأنه يُحد.

يقول: [ومن المعلوم أن الحد يقال عَلَى ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره] وهذا المعنى الأول، وهو ما يتميز به الشيء وينفصل به عن غيره.

المعنى الذي لا يجوز أن يكون فيه منازعة

[والله تَعَالَى غير حال في خلقه، ولا قائم بهم، بل هو القيوم القائم بنفسه، المقيم لما سواه، فالحد بهذا المعنى] بالمعنى الأول [لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلاً] فهو تَعَالَى مباين للخلق منفصل عنهم ليس شيء من خلقه في ذاته وليس شيء منه أو ذاته في خلقه [فإنه ليس وراء نفيه] نفى الحد بهذا المعنى [إلا نفي وجود الرب ونفي حقيقته] إذا قالوا: لا داخل العالم ولا خارجه، فهذا معدوم وليس بموجود.

<<  <   >  >>