فمن الناحية اللغوية كلمة "سائر" لا تطلق إلا عَلَى الباقي، لكن النَّاس استخدموها في معنى الكل، مثلاً في حديث الغسل من الجنابة "ثُمَّ أفاض الماء عَلَى سائر جسده" أي: بعد أن غسل رأسه أو بعد أن توضأ "أفاض الماء عَلَى سائر جسده" أي: عَلَى بقية جسده، وكان ذلك بعد وضوئه كما هو ثابت في الصحيحين.
وهذا هو التعبير الصحيح في اللغة العربية؛ فيقول المصنف: [ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال: بأن "سائر" بمعنى: البقية، لا بمعنى: الجميع، هذا أصل معناها، ومنه "السؤر" وهو ما يبقيه الشارب في الإناء] فسؤر القطة ما بقي في الإناء بعد أن تشرب منه [فيكون مراده غالب المخلوقات، لا جميعها، فيكون المعنى: أن الله تَعَالَى غير محوي] وأكثر المخلوقات محوية بمخلوق آخر إِلَى نهاية العالم.
وهذا الكلام الذي ذكره المُصْنِّف لعله منقول بالنص من كلام شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ الذي في التدمرية صـ ٤٥، أو فيمنهاج السنة (١/٢٥٠) ، وهذا يبين أن شارح العقيدة الطّّحاويّة يعتمد اعتماداً شبه كلي عَلَى كلام شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ وابن القيم، وكذا الحافظابن كثير والذهبي، ولكن اعتماده الأكثر عَلَى كلام ابْن تَيْمِيَّةَ، وابن القيم رحم الله الجميع.
وكان يترك التصريح بالأسماء خشية أن ينسب إليهم ثُمَّ يرد الحق الذي معه.
ماذا قال أبو حنيفة في علو الله تعالى؟
قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
[وفي ثبوت هذا الكلام عن الإمام أبي حنيفة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نظر، فإن أضداده قد شنعوا عليه بأشياء أهون منه، فلو سمعوا مثل هذا الكلام لشاع عنهم تشنيعهم عليه به.