للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما معنى ذلك؟ إنه التمرد، وعلى من هذا التمرد هل هو عَلَى الأب الذي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويقول لكَ أو لها: اتقوا الله عَزَّ وَجَلَّ؟ لا هذا تمرد عَلَى شرع الله -عَزَّ وَجَلَّ- وخروج وفسوق عما أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يدعي أحد كائناً من كَانَ أنه حر، ثُمَّ يفعل ما يشاء، أبداً، هذا كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:١١٥] ولو قدرنا أن المليار كل واحد منهم حر، فكيف ستكون الحياة الإِنسَانية، وأين تقف حريتك؟ وحرية كل فرد؟

١- الحرية الحقيقية هي حرية العبودية لله عز جل:

إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد بين أحكام الحلال والحرام، وأعطانا الحرية الحقيقية وهي حرية العبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فالحر الحقيقي هو من لم يمتلك قلبه أي شيء إلا محبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أما من ملكته شهوة أو فتنة أو شبهة فهذا عبد حقير ذليل مقيد، وإن كَانَ يقول أنا حر، فمن أراد الحرية الحقيقية فليتق الله وليتمسك بدينه وليحقق العبودية له تعالى، فكلما كَانَ عبداً له وحده خالصاً كلما كَانَ أكثر حرية، ولهذا تجدون عباد الله الصالحين -الأحرار الحقيقيين- لا يحدهم أي شيء؛ لأن كل ما في الكون من العبيد هم عبيد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وما يصنعه العبيد لا يضرهم في شيء.

فشَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ مثلاً لما سجنوه ثُمَّ أخذوا الأقلام عنه، فتركوه حتى لا يكتب، قَالَ: " ما يصنع أعدائي بي، أنا قتلي شهادة، ونفيي سياحة، وسجني خلوة" فهذه غاية في الحرية، لا يمكن أن يخشى من أحد.

<<  <   >  >>