للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى قول الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - لقد تركنا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا أنبأنا منه علماً أي: أخبرنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يصلحنا في دنيانا وفي أخرانا وأخبرنا وبما يصلح قلوبنا، ومعاملاتنا مع أهلينا ومجتمعنا، والمعاملة الناجحة بين الراعي والرعية، وبين الجار وجاره، وبين العبد وربه، وأخبرنا كيف يأتينا الموت؟ وكيف ننتقل إِلَى القبر؟ وماذا يحدث لنا في القبر؟ وكيف تقوم الساعة؟ وكيف نحاسب؟ وكيف نرد الصراط؟ وكيف يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النَّار النار؟ فهذا كلام لا يمكن أن تتخيله العقول ولا تصل إليه، مع ذلك فقد وضحه رَسُول الله لنا توضيحاً شافياً كاملاً، حتى كأننا نرى كل هذه الأمور، وما بقي إلا يقع حقيقة هذا الذي أنت قد رأيته بقلبك وإحساسك، ثُمَّ يأتي هَؤُلاءِ ويقولون: نلغي كل هذه العلوم، ويفكرون في الروح، وما هي الروح؟ وكيف تخرج؟ وأين تذهب؟ وأين يذهب الإِنسَان؟ ومن أين جاء؟ والله قد كفانا ذلك، أخبرنا عن ذلك كله.

وقس عَلَى هذا كثيراً من الأمور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي قد بينها الله حق البيان، ثُمَّ تأتي الدول الاشتراكية والرأسمالية وغيرها، ويتنازعون في وضع قوانين ونظم ينطلقون من خلالها في تعاملاتهم وحياتهم، فيختلفون في ذلك أشد الخلاف، ويعقدون المؤتمرات تلو المؤتمرات ولا يخرجون بنتيجة عَلَى الإطلاق مع أن الحق والهدى بين أيديهم. هذا في الأمور التي تدرك بالعقول وتنضبط بالمعايير المحسوسة، فكيف بأمور الغيب والتي لاتدرك بالحس ولا بالعقول؟!

<<  <   >  >>