للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثانية: [والشبهات كثيرة] فإذا ألقى الشيطان في نفس هذا شبهة، وألقى في نفس ذاك الآخر شبهة أخرى، فبمجموع الشبهات مع تفاوت العقول في الفهم، تكون الحصيلة: وهي قوله: [لأمكن لأي أحد أن لا يؤمن بشيء مما جَاءَ به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وهذا انسلاخ من دين الإسلام، وهذا الذي وقع -كما ترون- في هذه الأزمنة من انتشار الإلحاد بين الْمُسْلِمِينَ، إلحاد يرد كل ما جَاءَ عن الله وعن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وإذا تكلمت مع أحدهم تجد أن لديه كثيراً من الشبهات والأقوال في الزنى، أو الاختلاط، أو الخمر، أو اللحية، أو الإزار إذا أسبل، وهلم جرا.

لكل قوم شبة يتعلقون بها

وكما مر أن الأصنام نفسها ما عبدت إلا بشبهات، فقوم نوح قالوا: نصور صورهم فنتذكرهم، فإذا تذكرناهم عبدنا الله، والمُشْرِكُونَ في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعرب في ذلك الزمن ورثوا ذلك الشرك عن قوم نوح، وَقَالُوا: هَؤُلاءِِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:١٨] ، وَقَالُوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:٣] وهكذا المُشْرِكُونَ في كل زمان ومكان، شبهات لا تنتهي، وعقول متفاوتة، فما الذي يضبط هذه العقول، وهذه الأهواء؟ فلو أننا قررنا هذه القاعدة التي يقولون وهي: تقديم العقل عَلَى النقل وجعلناه حكماً ومعياراً؛ لأمكن لكل أحد أن لا يؤمن بشيء مما جَاءَ به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <   >  >>