للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدرجة الثانية: أن يجلس في المسجد أو أي مكان آخر ولا يتعرض لأسباب الكسب، لهذا لما قيل للإمام أَحْمَد أو غيره، قيل: إن فلاناً عنده توكل، ويجلس في المسجد قَالَ: إنما توكل عَلَى المتصدقين، ولم يتوكل عَلَى الله، فهو يعلم أن المصلين سيأتون ويتصدقون بمال أو طعام، إذاً أين التوكل؟ فأفسدوا معنى التوكل وحقيقته، وكذلك أفسدوا معنى الصبر وأفسدوا معنى الرضا بالقضاء والقدر، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول: إلا ما يرضي ربنا عَزَّ وَجَلَّ) هكذا علمنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبر وعلمنا الرضا بالقضاء.

أما هَؤُلاءِ العباد الضلال الجهال فأحدهم مات له ابن فما رؤي أحد أكثر منه في ذلك اليوم تطيباً قَالَ: حتى أثبت أني راضٍ، فهل أمر الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إذا مات ابنك أن تفعل هذا؟

وكذلك التواضع، فقد أمرنا به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يتواضع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأقل الناس، ويسمع أحوالهم، ويرى أمورهم، هذا التواضع الذي علمنا إياه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمرنا به، لكن هم كيف تواضعهم؟ قال أحدهم لأحد المشائخ: جئنا نتعلم منك التواضع؟ قال له: خذ مخلاه-الذي توضع عَلَى الدواب- وضعها عَلَى عنقك واملأها بالجوز واحلق لحيتك وانزل إِلَى السوق وقل للناس: كل من لكمني لكمة أعطيته جوزه، فإذا لطموك كلهم وانتهى الجوز فإنك ترجع وقد تعلمت الخشوع والتواضع.

ومن طوامهم أيضاً أنهم قالوا: القتلى نوعان:

قتيل العدو، وقتيل الحبيب.

قتيل العدو هو: المسلم الذي جاهد الكفار فقتلوه.

وقتيل الحبيب هو: الذي قتله الحب، يذكر الله ويبكي بهذه المحبة الهائلة الهائمة ويموت في حالة الفناء، ويقولون: شتان ما بين قتيل الحبيب وقتيل العدو!

يقولون: هذا هو الفرق، إذاً: لا جهاد للأعداء، ولا قتال للكفار.

<<  <   >  >>