للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد أخذ الجعد بن درهم مسأله القول بخلق القُرْآن عن بيان بن سمعان أحد المبتدعة، وهو أخذها عن طالوت اليهودي وطالوت أخذها عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولبيد أخذها عن أحد اليهودباليمن، وليس من المهم معرفة أول من قال بها، ولا يشترط لمثل هذه القضية أن يكون لها إسناد صحيح؛ لأن أهل البدع لا يقبل حديثهم، ولاكلامهم، ولو نظرنا بالنظرة الحديثية وبالنقد الحديثي لم نقبل حديث الجعد ولا بيان ولا طالوت ولا لبيد فكلهم غير مقبولين عندنا في الحديث.

لكن مثل هذه الأخبار إذا نقلها علماء الإسلام وأظهروها، فإننا نأخذها لشهرتها كأي خبر تاريخي يشتهر فيؤخذ ما لم يوجد دليل عَلَى نفيه، وما لم يوجد دليل عَلَى ضده، وسند هذا الكلام ذكره شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ وابن القيم والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، وذكره قبلهم كثير ممن كتب في العقيدة عَلَى منهج السلف، ورووا ذلك بالأسانيد، وممن ذكر ذلك بالسند الخطيب البغدادي وأمثال هَؤُلاءِ العلماء الذين يذكرونها بالسند.

وقفة مع كلام الشيخ الأرنؤوط على هذا الاسناد

إذا أتى آت كالشيخ الأرنؤوط جزاه الله خيراً وقَالَ: إن هذا السند لم يذكره ابن كثير لا يعول عليه؛ لأن الحافظ الذهبي ترجم للجعد بن درهم في سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٣٣) ، وذكر فيه أن إسناده في إنكار الصفات يرجع إِلَى اليهودبمثل ما ذكرنا.

وذكرالذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ أيضاً أن خالد بن عبد الله القسري أحد ولاة بني أمية قتل الجعد بن درهم وضحى به في يوم الأضحى، عندما كَانَ النَّاس مجتمعين لصلاة العيد، فقام فيهم قائلاً: أيها النَّاس! ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍ بالجعدِ بن درهم، فإنه أنكر أن الله كلمَّ موسى تكليماً، واتخذ إبراهيم خليلاً، ثُمَّ نزل من عَلَى المنبر فذبحه.

<<  <   >  >>