للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ نقول: إن القول بأن بني أمية لا يقتلون الرجل من أجل العقيدة ليس بصحيح، فهذا الجهم بن صفوان تلميذالجعد بن درهم قتل من أجل عقيدته وبدعته، حتى أن سلم بن أحوز الذي كَانَ والي الشرطة في خراسان لما قُبض عَلَى الجهم وجيء به قَالَ: له الجهم اصفح عني، واعف، فَقَالَ سلم بن أحوز: والله يا جهم لا أقتلك لأنك ذو شأن عندي، ولكنني منذ أن سمعت بدعتك أقسمت بالله أنني لن أفلتك من القتل أبداً متى ما ظفرت بك، وكذلك قتل الجعد من أجل بدعته كما سبق، وهذا الموقف الذي وقفه خالد بن عبد الله أوسلم بن أحوز وأمثاله من ولاة بني أمية في محاربة أهل البدع هو الذي يجب أن يكون عليه الْمُسْلِمُونَ دائماً، وهذا موقف محمود مشكور لولاة بني أمية، فلا يليق بنا بعد ذلك أن نحاول أن نطعن فيهم أو أن نقول: إن العمل هذا لم يكن لوجه الله، أولم يكن لأجل العقيدة، فالواجب عَلَى كل من وُليّ أمر الْمُسْلِمِينَ، ورأى من يفسد الدين بالعقيدة الفاسدة، أن يعاقبه بذلك، وهذه قاعدة متفق عليها بين العلماء، ويدل عليها قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة) فالمفارق للجماعة لبدعة من البدع التي تخل بالدين وتهدمه يجب قتله؛ لأن في ذلك مصلحة وراحة وإقامة للدين.

مكانة قتال المرتدين من قتال الفرس والروم

قتال المرتدين أهم من قتال الروم والفرس، فقد أجمع الصحابة -رضوان الله تَعَالَى عليهم- عَلَى قتال الخوارج؛ لأنهم أهل بدع، وقتال أهل البدع أصل معروف مشهور عند علماء الْمُسْلِمِينَ قديماً وحديثاً.

ولا ينبغي لنا أن نخرج هذه الأعمال التي قام بها ولاة بني أمية عن هذا المجال، بل يشكرون عَلَى ذلك، وإن كانت لهم أخطاء أو عيوب، فإن المرء المسلم له حسنات وله سيئات والله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هو الذي يتولى الحساب وهو العليم بالسرائر.

<<  <   >  >>