فالنَّصَارَى يقولون: إن عيسى هو الكلمة، وهذه الكلمة مخلوقة، أي: أن عيسى عَلَيْهِ السَّلام مخلوق إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ َ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:٥٩] ، فعيسى عَلَيْهِ السَّلام كلمة الله بمعنى أن الله خلقه بكلمة منه كُنْ فَيَكُونُ، فكلام الله عَزَّ وَجَلَّ الذي هو قوله كُنْ غير مخلوق، وإنما المخلوق هو عيسى عَلَيْهِ السَّلام أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف:٥٤] فالأمر غير الخلق فكلمة كُنْ كلام الله وعيسى أو أي مخلوق آخر يقول له الله تعالى: كن فيكون، هو خلق الله -عَزَّ وَجَلَّ- لكن القوم لما استمرؤوا أِن يسموه الكلمة، وهو في نفس الوقت يقولون: هو الله.
المعتزلة تناقش النصارى
وجاء بعض الْمُسْلِمِينَ المحتكون بعقائد النَّصَارَىمن أمثال المعتزلة فقال لهم النَّصَارَى: إن القُرْآن مخلوق، فَقَالَ المعتزلة: لا، إنه ليس بمخلوق، هذا كلام الله، فَقَالُوا: أنتم تقولون -أيها الْمُسْلِمُونَ-: إن عيسى كلمة الله، وتوافقون عَلَى أنه كلمة، وتقولون إن عيسى مخلوق!! ولنا نَحْنُ أن نقول: إن عيسى إله وذلك أنكم -أيها المعتزلة - تقولون: القُرْآن كلام الله غير مخلوق، بل هو من صفات الله، إذاً نَحْنُ وإياكم سواء! فما الذي تعيبون علينا.
أنكر المعتزلة ذلك، ثُمَّ قالوا: القُرْآن ليس كلام الله، القُرْآن مخلوق!! هكذا قال المعتزلة فِراراً من ذلك، وحتى لا يُقَالَ: إن القدماء متعددون كالنَّصَارَى، فالنَّصَارَى يقولون: في الأزل الآلهة القدماء -كما يسمونهم- متعددون وهم ثلاثة: الأب، والأبن، وروح القدس، أو الله، والكلمة، وروح القدس، هَؤُلاءِ كلهم قدماء.
أي: هَؤُلاءِ الثلاثة هم في الأزل، فَقَالَ النَّصَارَى للمعتزلة: إذا قلتم أيضاً: إن القُرْآن قديم، فقد صرتم مثلنا، إذاً فلماذا تنتقدوننا؟!