للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا قلنا لهم: إن الآيات والأحاديث في كلام الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أنه كلم الملائكة قبل أن يخلق آدم وكلم آدم وكلم موسى وهذا كله كلام الله.

قالوا: لا، هذه مخلوقات أي أن القُرْآن مخلوق خلقه الله.

وَقَالُوا: إنما قلنا ذلك حتى ننزه الله أن يكون محلاً للحوادث فننفي عنه الكلام مع أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بين لنا في بيان أجلى وأوضح من الشمس أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:١١] وكان عَلَى هذا البيان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة رضوان الله عليهم، فليس كلامه ونظره ورضاه ورحمته ونزوله كنظر المخلوقين ورضاهم ورحمتهم ونزولهم ليس كمثله شيء أبداً، ولم يكن له كفواً أحد أبداً.

وإذا أثبتنا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما أثبته لنفسه، فإننا لا نُثبِتُ له ما هو في حق المخلوقات من الأعراض، أو الحوادث، أو الأحوال، أو التغيرات، ومن فهم ذلك فإنما الفساد جاءه من قبل عقله وفهمه، وليس من نصوص الكتاب والسنة أبداً بالإضافة إِلَى أن أصل قضية إثبات وجود الله بهذه الطريقة التي سلكوها نَحْنُ في غنى عنها وعن استيراد كتب الفلسفة وترجمتها وفي غنى عن الرد عَلَى الفلاسفة المنكرين لوجود الله بالرد عَلَى منهج الفلاسفة الذين يثبتونه علة تامة لا صفاتَ لها عَلَى الإطلاق، كُلُّ هذا الكلام نَحْنُ في غنى عنه لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بعث محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنور وبالهدى التام المستبين.

<<  <   >  >>