وقَالَ: إن هذا القول أفضل وأحسن لكي يجمع الناس، ولذلك تجدون الكوثرى في تعليقاته عَلَى كتاب تبيين كذب المفتري لابن عساكر يقول لو أن أهل السنة اتبعوا عبد الله بن سعيد بن كلاب لاستراحوا من الفتنة، واستراحوا من العذاب، ومما نزل بهم من الأذى، فإن المسألة بسيطة ولا تحتاج إِلَى نقاش وجدال، إنما الشد والأخذ والجدل هو الذي دفع بعضهم بتطرف المعتزلة في جهة وبتطرف أهل الحديث من جهة، وإلا فالمسألة بسيطة. حلها هذا الرجل، وجمع ووفق بين القولين، أي كَانَ ابن كلاب قام بعملية صلح بين الطرفين فكلامك أنت بأنه مخلوق صحيح، لأنه في المصاحف مخلوق، وكلامك أنت الآخر بأنه غير مخلوق وصحيح؛ لأن المعنى الذي في ذات الله غير مخلوق، وانتهت المشكلة ولا تحتاج إِلَى جدال!!
ولكن المسألة ليست قضية صلح بين فريقين اختلفا في الكلام وأصلح بكلام، بل المسألة دين واتباع، وهذا القول الثالث فيه من الابتداع في الدين ما الله تَعَالَى به عليم، عَلَى أي شيء بنى ابن كلاب هذا القول، وتبعه في ذلك الأشعرية، وما يزالون عَلَى ذلك إِلَى اليوم، بنى قوله عَلَى أن الكلام ليس هو الحروف والألفاظ والأصوات، إنما الكلام هو المعاني القائمة في النفس، والدليل أن الأخطل الشاعر النصراني يقول:
فَيَقُولُ: إذاً فالكلام حقيقته أنه في النفس، وأما الألفاظ فهي دليل أو تعبير عما في النفس، ولذلك فكلام الله عَزَّ وَجَلَّ هو ما في نفسه بناءً عَلَى هذا القول!!