للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهناك ظاهرة أخرى موجودة وملحوظة في كتبه وهي التناقض والافتراض، وهذه تهمنا هنا فالرازي في موقفه من قضية الكلام -التي هي موضوع حديثنا- مضطرب ومتناقض في عدة كتب من كتبه وقد كتب أحد الباحثين بحثاً طويلاً بعنوان فخر الدين الرازي وآراءه الكلامية فأقر هذه النتيجة أن الرازي مضطرب متردد متقلب في موقفه من العقيدة ومن علم الكلام خاصة.

فمثلاً في بعض كتبه يقول: إن الكلام عَلَى نوعين: كلام قديم وهو المعاني القائمة بالنفس، وكلام حادث مخلوق وهو: الألفاظ والحروف والأصوات، وهذا هو مذهب الكلابية.

وفي بعض كتبه يصرح بأن القُرْآن مخلوق، وأن الكلام لا يمكن أن يكون إلا مخلوقاً، وهو بذلك يشبه المعتزلة فهو مرة أشعري ومرة معتزلي.

وفي كتب أخرى ينقض قول المعتزلة، وينقض قول الأشعرية، ويُقرر كلاماً من نوعٍ آخر، وهنا كما فيالمطالب العالية ذكر هذا الكلام: أن كلامه -تعالى- يرجع إِلَى ما يحدثه من علمه وإرادته القائم بذاته فيقول الرازي: إن كلام الله لا يخلو أن يكون خبراً أو إنشاءً أمراً أو نهياً فمثلاً أمر الله في شيء ليس هو كلامه الذي يأمر به، وإنما إرادته وإخباره بأنه سوف يثيب من فعل كذا وكذا، ونهيه عن شيء هو إرادته وإخباره بأن من فعل كذا وكذا فسوف يعاقب، وهذا القول نقده الأشعرية أنفسهم الذين يدعون أن الرازي من أعظم أئمتهم وهو - كما قلنا - إمام المرحلة الثالثة من مراحل تطور المذهب الأشعري حتى أن الشركساني صاحب المقاصد ذكر ذلك وقَالَ: إن هذا القول ضعيف؛ بل قَالَ: وهذا ظاهر الضعف؛ لأن إرادة الثواب للمطيع الممتثل للأمر، أو إرادة العقاب لمرتكب النهي هذه لوازم الأمر والنهي أو من نتائجه، وليست هي الأمر والنهي فإذا هذا الوجه ظاهر الضعف.

وكما أشرنا إِلَى أن المذاهب الرئيسة هي الثلاثة التي ذكرناها:

مذهب المعتزلة.

ومذهب الأشعرية الكلابية.

ومذهب السلف.

<<  <   >  >>